[٢٨] وختاما لهذه السورة المتضمنة للحديث عن المعانات الصعبة ، ودعاء شيخ المرسلين على قومه نجد آثار اللطف وحب الخير يجليها لسان نوح عن قلبه الحنون ، وذلك حتى لا يظن أحد أنه ـ عليه السلام ـ يحمل العداء الشخصي ضد قومه بالذات ، فإنه وازن بين الدعاء سلبا ضد الكفار الفاجرين ، والدعاء ايجابيا لصالح المؤمنين الصالحين.
(رَبِّ اغْفِرْ لِي)
وهذه قمة العبودية لله والخشية منه ، فبالرغم من الجهاد الطويل في سبيل الحق الذي امتد طيلة حياته إلا أنّه لم يمن على الله بشيء من طاعاته لإيمانه بأنها ما كانت تكون لو لا لطفه وتوفيقه ، وان الخضوع له والاعتراف بالتقصير تجاهه خير وسيلة للمزيد من القرب منه والسعي في خدمته وإنّه حقّا درس يحتاجه كل مجاهد في سبيل الله ليقاوم به الغرور وهمزات الشيطان ، وبالذات أولئك الذين يتطاول بهم العمر في خدمة الرسالة.
ولكنه بأخلاق النبوة التي تدعوه للخروج من قوقعة الذات ، والتفكير في نجاة الآخرين بمقدار التفكير في نجاة نفسه ، لم ينس غيره بالرغم من أن ساعة دعائه كانت صعبة حرجة ، سواء قلنا بأنه دعا ربه قبل الطوفان أو أثنائه أو بعده .. فهذا هو يلتفت لأولي الفضل عليه (أبوه وأمّه) ولشركاء الصف والمسيرة (المؤمنين) لا فرق عنده بين من عاصروه وبين من سبقوه أو يأتون بعده ، ويلتفت مرة مؤكدا براءته من الظلم والظالمين ، كما أكد بسابقتها ولاءه للحق واهله.
(وَلِوالِدَيَ)
إذ لهما الفضل فطريّا وتربويا في وجوده وبناء شخصيته ، وهكذا نتعلم درس