عليهم باتجاه الشرك بالله بما قد يصل إلى حدّ الإكراه ، مثلما أكره فرعون السحرة على السحر ، وكما يكره الطغاة اليوم جنودهم عسكريين وإعلاميين ومخابرات على ممارسة الظلم ضد الشعوب. ولأنّ أعظم الضغوط التي تمارس وأخطرها هو ضغط التضليل عن الحق ، والإيحاء بالشرك من خلال التربية الفاسدة والاعلام المضلّل ، فقد أعلن أولئك النفر المؤمنون أنّهم لن يقبلوا التغرير بوجود الشركاء أو التشكيك في عظمة الله.
(وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً)
وفكرة الصاحبة والولد آتية من تصوّر المخلوق المحدود للخالق العظيم تصوّرا معتمدا على مقايسته بذاته ، وهذا بالضبط العامل الفكري الرئيس الذي تقوم على أساسه النظريات والفلسفات البشرية التي خاض أصحابها في الحديث عن ذات الله وصفاته فشبّهوه بخلقه سبحانه وتعالى عمّا يصفون.
إنّ الجاهل ينكر وجود آفاق متسامية لا يبلغها علمه ، فيريد تشبيه كلّ شيء بما يعرفه ، فإذا به يتخيّل أمورا لا واقع لها ، ويصبح هذا التخيل ـ بدوره ـ حاجزا بينه وبين معرفة الحقائق. لذلك ينبغي تسبيح الله وتقديسه عن الشبه ، لأنّ ذلك السبيل الوحيد لمعرفته سبحانه.
وهناك عامل نفسي للشرك يتمثّل في أنّ المشركين يريدون الزعم بأنّهم أبناء الله ، كما قالت اليهود والنصارى «نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ» .. فلا بد من التأكيد على وجود الصاحبة باعتبار الأبناء نتيجة للعلاقة بين الطرفين ، تعالى الله علوّا كبيرا. ولا ريب أنّ دعاة هذه الفلسفة هم أوّل من يريد تعريف نفسه ابنا للربّ حتى يعطي لنفسه شرعية خضوع الناس وتقديسهم وطاعتهم له أو ربط نفسه بابن الله حتى يخلّصها من المسؤولية. مما يعني أنّ نفي الشرك ليس رفضا لفكرة مجردة ، بل هو