عظمة من يحتاج إلى الصاحبة والولد؟ ونفي الصاحبة عن الله هو نفي قاطع لوجود أيّ شريك له عزّ وجل ، لأنّ المزاعم بوجود الشركاء مبنيّة على أساس بنوّتهم له والتي لا تكون إلّا بوجود الصاحبة. أمّا نفي الولد فهو نفي للوالد أيضا لأنّ من يلد فهو مولود مخلوق بالقطع ، قال الإمام علي (ع) في صفة الله : «لم يلد فيكون مولودا ، ولم يولد فيصير محدودا» (١) ، وقال : «لم يولد سبحانه فيكون في العزّ مشاركا ، ولم يلد فيكون موروثا هالكا» (٢).
[٤] ويؤكد القرآن على وجود التشابه بين المجتمع البشري ومجتمع الجن من الناحيتين الفردية والاجتماعية ، فهم خلق مكلّفون عاقلون مختارون ، ومحدودة علومهم كما نحن ، ولذلك يقعون في الأخطاء المقاربة لأخطائنا كالشرك ، وهذا يهدينا إلى خطأ الإعتقاد باطّلاعهم على كلّ شيء ، والاعتماد على ما يقولون ، إذ قد يقولون شططا. هذا من الناحية الفردية ، ومن الناحية الاجتماعية يتشابهون معنا في كونهم فرقا مختلفين ، وطبقات مستضعفة ومستكبرة ، بل ويعيشون في ظلّ أنظمة اجتماعية وسياسية متشابهة .. حيث يترأسهم سفهاء منهم ، كما يتزعم المجتمعات البشرية الحكّام والملوك.
(وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً)
والشطط في الأصل : الكلام الذي يبعد عن الحق ، قال الراغب الأصبهاني : الشطط خفّة النفس لنقصان العقل ، والشطط : القول البعيد من الحق (٣). والكلمة تستوعب كلّ قول يحيد عن الصواب إلى الخطأ ، ولكنّ أظهر مصاديقها فيما يتصل بالله عزّ وجل هو قول الشرك ، وإلى ذلك أشار القرآن في قوله على لسان أصحاب
__________________
(١) نهج البلاغة / خ ١٨٦ ـ ص ٢٧٣.
(٢) المصدر / خ ١٨٢ ـ ص ٢٦٠.
(٣) مفردات الراغب / مادة شطط.