الكهف : (فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً) (١).
وأمّا السفيه فمعناه لغة الجاهل الذي لا يحسن رأيا ولا تصرفا ، ففي المنجد : سفه سفها : كان عديم الحلم أو جاهلا أو رديء الخلق فهو سفيه ، والسافه الأحمق (٢). ويبدو أنّها كلمة جامعة لمساوئ الصفات والأخلاق. واصطلاحا ـ المعنى الذي يريده الجن من الكلمة ـ هو كلّ زعامة سياسية أو اجتماعية أو علمية شطّت بها الأفكار نحو الباطل ، وسعت في تضليل المجتمع كالحكّام الطغاة وعلماء السوء. وما أكثر ما يقوله سفهاؤنا ـ نحن البشر ـ على ربّ العالمين ، من على منابرهم ، وفي وسائلهم التضليلية ، في كلّ زمان ومكان! فما أحوجنا أن نكون كأولئك النفر من مؤمني الجن ؛ نستمع القرآن ، ونؤمن بما يهدي إليه من الرشد ، ونرفض الشرك بالله بجميع ألوانه وصوره ، وننتفض على سفهائنا تحت راية التوحيد وعلى هدى الوحي!
ونخلص هنا إلى الحقائق التالية :
الأولى : أنّ الجن ليسوا مجرد أرواح شريرة وحسب ، وإنّما فيهم المؤمنون الصالحون ، وبهذا يعالج القرآن مزاعم البشر وتصوراتهم الخاطئة عن طبيعة عالم الجن بأنّه شر محض.
الثانية : أنّ الهداية والرشد لا تتحقق لأحد بمجرد وجود الكتاب الهادي إلى الحق ، بل لا بد من التقاء بين العقل الباطن وبين رسالة الله ، وذلك بحاجة إلى المزيد من الإصغاء للآيات ، واستماعها ، والتدبر في معانيها.
الثالثة : أنّنا إذا فسّرنا الشرك بالتشريع من دون الله فإنّ الآيات تدلّ على أنّ
__________________
(١) الكهف / ١٤.
(٢) المنجد / مادة سفه.