سوى إجابة واحدة هي الانحراف عن النهج السليم والتفرق بالسبل الملتوية ، وبتعبير القرآن : الانحراف عن الطريقة لأنّها وحدها التي تأخذ الإنسان إلى السعادة.
(وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً)
أي كثيرا فراتا. فما هي تلك الطريقة؟
إنّ تعريف القرآن لها بألف ولام العهد والجنس يهدينا إلى أنّها طريقة معينة للإنس والجن ، وليس سواها طريقة حتى يستراب فيها ذهن السامع أو ينصرف عنها. ولقد كثرت الأقوال في بيان المقصود بالطريقة إلّا أنّ أقربها ـ كما يبدو لي ـ الحق المتمثل في :
١ ـ الفطرة التي أركزها الله في خلقه ، حيث الإيمان والتسليم للحق .. فإنّ الاستقامة عليها هي السبيل إلى كلّ خير وسعادة.
٢ ـ خط الرسالات الإلهية والأنبياء ، قال العلّامة الطبرسي : لو استقاموا على طريقة الهدى بدلالة قوله : «وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ» (١) ، ونظيره قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) ، وقوله : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) وقوله : «وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً» (٢). والفطرة والرسالات مع الأنبياء يكمل واحدهما الآخر في هداية الإنسان إلى الطريقة السليمة ويثبّتانه عليها لو اتبعهما ، وهي ـ أي الطريقة ـ واضحة عند كلّ مكلّف بالاستقامة عليها ، إلّا أنّ القليل هم الذين يلتزمون بها كما يريد الله ، ويستقيمون
__________________
(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٧١.
(٢) التفسير الكبير / ج ٣٠ ص ١٦٠ / ١٦١.