(كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً)
قال الشيخ الطوسي : جماعات متكاتفات بعضها فوق بعض ، ليزيلوه بذلك عن دعوته بإخلاص الإلهية (١). ولعل في الآية إشارة من بعيد إلى تظاهر المشركين من الإنس ومن الجن مع بعضهم ضد داعية الحق ، ولكنّ ذلك ليس بالذي يثني الأنبياء والرسل ولا بالذي يفلّ عزائمهم وعقائدهم الراسخة ، فقد وقف نبيّ الإسلام (ص) وكما أمره الله متحديا جبهة الضلال المتلبّدة ضده ، ومعلنا بأنّه لن يغيّر مسيرته ، ولن يتنازل عن قيمه وأهدافه.
(قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً)
وهذه الآية رمز لتحدي الرساليين لكلّ عامل وأحد يضغط باتجاه المداهنة في قيمة التوحيد أو التنازل عنها. أوليست الاستجابة للضغوط لونا من ألوان الشرك؟!
[٢١ ـ ٢٢] وتمتاز الدعوة الإلهية عن غيرها بأنّها تثير في الإنسان كوامنه ، وتدفعه إلى السعي لا التمنيات ، كما يفعل الكهنة ودعاة الأديان والمذاهب البشرية ، الذين يوزّعون صكوك الجنة والأمان المزعومة على الناس إزاء المال! كلّا .. إنّ أولياء الله يصارحون الناس بأننا لسنا بدائل عنكم ، ولا يغني إيماننا عن سعيكم .. حتى لا يتخذهم الناس أربابا من دونه تعالى ، ولا شفعاء بالطريقة الموجودة في نظرية الفداء عند بعض النصارى.
(قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً)
وهذه قمّة التجرّد لله وتوحيده ، ودليل إخلاص المساجد له من قبل
__________________
(١) التبيان ج ١٠ ص ١٥٥.