(حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ)
من الهزيمة في الدنيا أمام المؤمنين ، أو الوعد بالبعث والجزاء الذي راح يشكّك فيه ضلّال الإنس والجن.
(فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً)
ومما يزيد في ضلال العصاة لله ولرسوله بالإضافة إلى الاغترار بالقوة والعدد هو تشكيكهم في صحّة وعد الله بالجزاء ، ولذلك تراهم لا يفترون يسألون مجادلين عن أجل الوعد. وهنا يتدخّل الوحي يسدّد المؤمنين في مواجهتهم لتلك التشكيكات والجدليّات ، بأمرهم أن لا يخوضوا معهم حيثما شاؤوا فيكون زمام الحوار بأيدي أولئك ، وإنّما إدارته حيث تقتضي القيم والإستراتيجيات الرسالية ، فإنّ الجدليات التي تصبح هدفا بذاتها كجدلية السؤال عن الساعة لا تنتهي عند حد كما أنّ الرساليين ليسوا مكلّفين بالإجابة على كلّ سؤال يطرحه الآخرون إلّا في حدود المصلحة الرسالية وحدود ما أوتوا من العلم.
(قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً)
وإنّما ترك الرسول الإجابة على ذلك بالكيفية التي يريدها المجادلون اتباعا للمصلحة الحكيمة ، ولأنّ علم الساعة ممّا يختص به الله وله فيه البداء ، فقد يكون موعدها قريبا ، وقد يعطي الله للناس فرصة لمراجعة الذات بتمديد أجلها لعلّهم يتذكّرون ويتوبون. والآية إشارة إلى فكرة البداء من حيث أنّه تعالى مختار في تحديد وقت الساعة متى شاء ، فقد يكون لها في علمه زمن معيّن ثم يبدو له فيجعل لها أجلا آخر قريبا أو بعيدا.
وكفى بجهل الإنس والجن بميقات الساعة وبالمستقبل دليلا على قصورهم عن