علم الغيب ، وانحصار معرفته برب العالمين ، وذلك مما يميز الخالق عن المخلوق.
(عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً)
وهذه الآية تنفي المزاعم والأباطيل حول علم الجن والكهّان بالغيب. بلى. قد يظهر الله بعض أوليائه من الرسل على ما يريد من علم الغيب ، وهم بدورهم يحفظون سره تعالى ، إذ يعلم أين يضع رسالته ، ومن يختار لأمانته ، ومع ذلك يحفظهم تماما كما حفظ السماء من استراق السمع.
(إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ)
فلا أحد يفرض على ربنا أن يظهره على غيبه ، إنّما هو الذي يتفضّل برضاه وحكمته على من يشاء فيطلعه على بعض الغيب ومع ذلك لا يدع غيبه يتسرب من مخازنه إلى من لا يستحقه.
(فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً)
يحفظونه ويسدّدون خطاه ، ويراقبون حركاته وتصرفاته ، برصد ما يصدر منه في الحاضر والمستقبل (بَيْنِ يَدَيْهِ) وما صدر عنه في الماضي (مِنْ خَلْفِهِ). وكيف يطّلع المنجّمون والسحرة والكهّان على الغيب وهم مغضوب عليهم عند الله؟! أم كيف تصل معرفة الشياطين به وهم أعداؤه الذين أعدّ لهم الحرس الشديد والشهب حربا عليهم؟! وفي هذا جاءت أحاديث أئمة الهدى كالتالي :
قال الإمام الباقر (ع) لحمران : «فإنّ الله عزّ وجلّ عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدّر من شيء ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه وقبل أن يقضيه إلى الملائكة ، فلذلك يا حمران! علم هو موقوف عنده إليه في المشيئة ، فيقضيه إذا أراد ، ويبدو له فلا