بينات من الآيات :
[١ ـ ٢] في أوّل آية من السياق يوجّه الله الخطاب إلى رسوله بصورة خاصة : (يا أَيُّهَا النَّبِيُ) باعتباره مسئولا عن الأمة وشاهدا عليها ، ثم يعمّ المسلمين ببلاغة فائقة : «طلّقتم» ، وذلك لكي ينسف المزاعم التي تقول بأنّ علاقة الرجل بزوجته وتدبيره لشؤونها أمرا خاصّا به ، ولا يمتّ بصلة إلى الدّين الذي تمثّله القيادة الإسلامية ، ويؤكّد بأنّ هذا الوهم غلط فاضح ، لأنّ علاقة الرجل بزوجته لا تقف عند حدود مصالح الفرد بل تنتشر إلى كلّ امرأة. أو ليست الزوجة عضوة في المجتمع الإسلامي ، وبالتالي لها امتداداتها وعلاقاتها بالمجتمع وبقيادته؟ فلا بد إذا أن يكون التعامل معها ضمن حدود الله وتوجيه القيادة الإلهيّة ، ولذلك بدأ الخطاب بالنبي ثم توسع إلى سائر المسلمين.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ)
والملاحظ أنّه تعالى قال : (طَلَّقْتُمُ) بصيغة الماضي ، ثم قال : «فطلّقوهن» ممّا يدل على أنّ للطلاق مرحلتين : المرحلة النفسية الداخلية ، والمرحلة القانونية الظاهرية ، وتلك تسبق هذه إلّا أنّها لا تكفي لتحقّق الطلاق لأنّه يجب إجراء الطلاق وفق حدوده ومنها الصيغة التي تفيد إيقاعه كقول الرجل : زوجتي فلانة طالق ، أو : أنت طالق .. كما يفيد قوله : «طلقتم» الجزم والاستقرار أي جزمتم واستقريتم على هذا القرار في أنفسكم وأردتم إيقاعه.
ولعل كلمة «النساء» تنصرف إلى الزوجات اللاتي تمّ الدخول بهن ، فإنّ غير المدخول بها ليس لها عدّة ، لأنّ الحكمة منها حسب الأخبار منع اختلاف المياه ، وهذا منتف إلّا في المدخول بهن.