ولأنّ هناك طلاق الجاهلية وطلاق البدعة لم يدع الوحي الكلمة هكذا إنّما حدّد النوع المشروع والصحيح من الطلاق ، وهو الذي الآيات اللاحقة تأتي على بيان حدوده وشروطه ، ومن شروطه العدة ، وأن يتمّ في طهر لم يواقعها فيه ، لأنّه وحده الذي يدخل في حساب العدة الشرعية (١).
(فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ)
وكلمة «طلّقوهن» من الناحية القانونية تعتبر تشريعا للطلاق ، الأمر الذي يختلف فيه الإسلام عن بعض المذاهب التي حرمته ومنعته فلم تحل المشكلة ، بل تسبب في كثير من المشاكل النفسية والأسرية والاجتماعية. ولم يقل الله للعدة لكونها تختلف عن امرأة لأخرى ، فعدة الحامل تختلف عن غير الحامل ، قالوا في تفسير كلمة «لعدّتهن» أي لزمان عدتهن ، وذلك أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه ، عن ابن عباس وابن مسعود والحسن ومجاهد وابن سيرين وقتادة والضحّاك والسدّي ، فهذا هو الطلاق للعدة لأنّها تعتد بذلك الطهر من عدتها ، وتحصل في العدة عقيب الطلاق. فالمعنى فطلقوهن لطهرهن الذي يحصيهن من عدتهن ، ولا تطلقوهن لحيضهن الذي لا يعتدون به من قرئهن ، فعلى هذا يكون العدة الطهر (٢).
وتهدينا الآية إلى أنّ المرأة لا تنفصل كلّيا عن زوجها بمجرد أن تنطلق من لسانه صيغة الطلاق الأولى ، لتكون حرّة في اختيار غيره مثلا ، إنّما تبقى في بيته وتحت مسئوليته أثناء عدتها ، فإذا انتهت العدة سرى مفعول الطلاق عمليا فتنفصل المرأة عن زوجها تماما لتصبح في غير عهدته إلّا أن يرجع إليها وترجع إليه ، لذلك قال تعالى :
__________________
(١) قال الامام الصادق (ع) «لا طلاق إلّا على طهر من غير جماع» نور الثقلين / ج ٥ ص ٣٤٧ نقلا عن أصول الكافي.
(٢) مجمع البيان / ج ١٠ ص ٣٠٣.