(وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ)
وقد أمر الرجل بالذات بالإحصاء لأنّ الطلاق بيده ولأنّه المسؤول عن المرأة في سكنها ونفقتها وحمايتها ، فلا بد أن يحصي لكي يعرف بالضبط متى يمكنه التحلل من هذه المسؤولية الشرعية. والتأكيد على التقوى بعد الأمر بإحصاء العدّة يهدينا إلى ضرورة الدقة في الحساب ، لأنّ التقوى هي التي تمنع الكذب والتلاعب. وفي الآية تحذير للزوجين بأنّ الله رقيب وشاهد لا يمكن مخادعته أبدا ، وينبغي اتقاء سخطه وعذابه. ولان فترة العدة مصيرية بالنسبة لعلاقة الطرفين ففيها يراجع الرجل نفسه ويقيّم زوجته من جديد ليقرر الرجوع إليها أو الانفصال عنها فيجب عليه أن يراقب الله من كلّ ذلك ويكون منصفا. ولعل الرجل بالذات يستطيع مضارّة زوجته فيتلاعب بالمدة بعيدا عن علم أيّ أحد ، وحيث لا يوجد النظام الإسلامي المتكامل فهو قادر على صنع ما يشاء دون أن يواجه أيّ إجراءات قضائية وقانونية تخالف هواه ، لذا فهو محتاج إلى مراقبة الله قبل كل شيء وتقواه (باعتبارها أهم الضمانات التنفيذية للحدود والشرائع).
ويوصل القرآن الدعوة للتقوى بالنهي عن إخراج المطلقات من بيوت الزوجية قبل العدة ، وهكذا نهيهن عن الخروج ، لأنّ ذلك هو الآخر يحتاج إلى المزيد من خشية الله وتقواه.
(لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ)
إذن فقول الرجل لامرأته : أنت طالق لا يخرجها من مسئوليته ، ولا يبرّر لها التمرد عليه .. فإنّ البيت يبقى بيتها لا يجوز له إخراجها منه ، وهي تبقى في عهدته لا يحق لها الخروج من تحت يده ما دامت العدة لم تنقض «ثلاثة قروء وهي ثلاث حيضات ، وإن لم تكن تحيض ثلاثة أشهر ، وإن كان بها حمل فإذا وضعت