يخاف على العباد من ذنوبهم ، ويأمن العقوبة من ذنبه» (١)
وقال (ع): «إنّ الله عزّ وجل جعل أرزاق المؤمنين من حيث لا يحتسبون ، وذلك أنّ العبد إذا لم يعرف وجه رزقه كثر دعاؤه» (٢)
وقال ـ في حديث آخر يفسر هذه الكلمة ـ : «يبارك له فيما آتاه» (٣)
والايمان بهذه الحقيقة يقشع عن عقل الإنسان وروحه سحب اليأس ويفكّ أغلاله ، ويدعوه إلى المزيد من البحث والسعي طلبا لتلك الآفاق. وما دام ربنا يرزقنا من حيث لا نحتسب فبالأولى أن يأتنا رزقه من حيث نتوقع حيث نعمل ونسعى ونتبع سبله ، ومن المعروف : أنّ مالتز كان قد حذّر العالم قبل قرن من نقص هائل في الموارد الغذائية في هذا القرن ، واتبعه الكثير من الكتّاب والمؤسسات الدراسية ، بينما فتح الله آفاقا جديدة في حقل التقدم العلمي وتنمية الموارد الغذائية التي تضاعفت خلال القرن الحاضر .. وتبشّر الدراسات بأنّها ستتضاعف في المستقبل.
إنّ آفاق التقدم لا تحد ، وإنّ قدرات الإنسان على التكامل عبرها لا تحصى ، وإنّما اليأس وسائر الأغلال والأصر تقيد البشر من الانبعاث ، ولو عرف الإنسان قيمة التوكل على الله فاتقى ربه لرزقه الله من حيث لا يحتسب.
ولا ريب أنّ الآية لا تدعونا إلى الكسل والجلوس في البيت على أمل نزول رزق الله بالمعجزة ، كلّا .. بل ينبغي النظر لمعناها والتدبر فيها ضمن الأصول العامة التي جاء بها الإسلام والموجودة في الآيات الأخرى ، كأصل السعي والعمل والكدح ، بل الآية نفسها تشير إلى ذلك في الخاتمة وتدعو إلى نفض غبار اليأس والقنوط ،
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ٣٥٥.
(٢) المصدر / ص ٣٥٤.
(٣) المصدر / ص ٣٥٧.