يؤاخذ العباد بما يعصون ، وبالتالي مما يبعثهم نحو الاسترسال في الفسق والانحراف من خلال هذا التبرير الواهي ، وهذا أحد معاني قوله سبحانه (وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ) (١) وذكر ذلك يزرع روح التقوى في القلب ، ويوقف مسيرة الاسترسال نحو الهاوية!
[٩] إنّ الإنسان لا يمكنه أن يتحرك في الفراغ ، لذلك فإنّ القرى حينما عتت عن أمر الله (مناهجه ونظمه) اصطنعت لنفسها نظما وقوانين بشرية ، ولكن هل وصلت إلى أهدافها الحقيقية ، بل هل حقّقت مصالحها ورغباتها لا أقل؟ كلّا .. لأنّ رسالات الله وسيلة وحدها التي تسعد الإنسان وتلبّي حاجاته ، لذلك بقيت وحدها الخط الثابت عبر الزمن ، رسالة بعد أخرى ، وجيلا بعد جيل ، أمّا المذاهب البشرية فهي تبطل الواحد بعد الآخر ، فكلّما ابتدع المترفون مذهبا وضعيّا ليكون بديلا عن رسالات الله ورسله وغطاء لتسلّطهم غير المشروع على رقاب الناس لم يلبث أن ظهر فساده ، وانتشرت آثاره السيئة فاستبدلوه بمذهب آخر أو أفسد منه ، وها نحن اليوم نسمع ونقرأ عن إفلاس الشيوعية ، وظهر ما جرّت على الناس من دمار وقمع وفساد عريض. أو ليس هذا وبالا وعذابا؟! بلى ؛ ولكن هل يعود الناس إلى مناهج الوحي؟ كلّا .. إنما يبتدع لهم كبراؤهم مذهبا باطلا آخر ويأفكونهم به.
(فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها)
أي ثقل عاقبة أمرها المتمثلة في الخسران.
(وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً)
__________________
(١) فصلت / ٢٣.