فهي من جهة خسرت المكاسب والمعطيات العظيمة التي تنال بتطبيق أمر الله ورسله ، ومن جهة أخرى خسرت سعيها وجهودها والأهداف التي تمنّت بلوغها ، وهذه هي نتيجة المسيرة الخاطئة التي اختارها الناس لأنفسهم ، وهكذا كلّ حضارة لا تقوم على أساس رصين من الحق فإنّها تكون كبناء على شرف هار ، كلّما ارتفع البناء كلّما اقترب من الانهيار ، وفي لحظة يتلاشى كلّ شيء ، وتذهب جهود الملايين من البشر!!
[١٠ ـ ١١] والخطير في الأمر أنّ الخسارة والعذاب ليسا في الدنيا فحسب فإنّ ما في الآخرة أشدّ وأخزى!
(أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً)
ولعل إعداد العذاب بسبب أنّه يأتي نتيجة الأفعال التي يجترحها المذنبون في الدنيا فيهيّئ الله لكلّ ذنب ما يناسبه من العذاب كمّا وكيفا ، ممّا يجعلنا أشد حذرا من السيئات لأنّها تتحوّل إلى عذاب شديد فور وقوعها ولكنّنا محجوبون عنه اليوم.
وكما تهبط الأمم إلى حدّ الهلاك بالعتوّ عن أمر الله ورسله ، واتباع المناهج البشرية ، فإنّها ترتقي في مدارج الكمال والتقدم بالتسليم لأمر الله ورسله وبالتقوى وتطبيق شرائعه ومناهجه في الحياة ، فتفلح في الدنيا بالخروج من الظلمات إلى النور ، وفي الآخرة بالخلود في جنّات النعيم.
(فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا)
إنّ التقوى درجة رفيعة من الإيمان بالله تبعث الإنسان إلى المزيد من الوعي لأمر الله والتسليم له ، فهي إذن تكمّل لبّه وعقله ، كما تكمّل إيمانه وجوانبه الروحية.