الصنع ، وبالغ الحكمة؟ لقد خلقنا أزواجا ، وجعل لنا النوم استراحة عن العمل ، وجعل الليل لنا سترا والنهار معاشا للنشاط والحركة ، أمّا السماء فقد جعلها سقفا محفوظا بسبع طبقات شداد ، وعلّق فيها لأهل الأرض سراجا وهّاجا ، ثم أنزل منها ماء متواصلا مندفعا ، ثم جعل هذا النظام مترابطا ببعضه فأنبت من الأرض حبّا ونباتا ، وجنّات ألفافا ، كلّ ذلك من أجل الإنسان ، والإنسان من أجل المسؤولية ، ولكي يقدّم للمحاكمة غدا في يوم الفصل الذي كان ميقاتا للحساب ، يوم ينفخ في الصور فيتوافد الخلائق أفواجا أفواجا. أمّا السماء فإنّها تتحول إلى أبواب لتنزل الملائكة بالعذاب أو الثواب. أمّا الجبال التي أكنّت البشر فتكون سرابا.
هنالك الحساب ، فبينما يساق الطغاة إلى جهنم ليبقوا فيها أحقابا بلا برد ولا شراب تجد المتقين في مفاز ، حيث يدخلون الجنة ليتمتعوا بنعيمها وأمنها وخلودها ، وهذا وذاك يكون تجسيدا لمسؤوليتهم في الدنيا ، وجزاء وفاقا لأعمالهم.
وتختم السورة بتصوير مشهد من مشاهد القيامة حيث يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون ، ويذكّرنا ربنا بأنّ فرصة الإختيار السليم لا تزال قائمة فقد أنذرنا عذابا قريبا ، يوم يرى المرء أعماله التي قدّمها متجسدة أمامه. أمّا المؤمن فيفرح بها ، وأمّا الكافر فيقول : يا ليتني كنت ترابا ولم أقدّم مثل هذه الأعمال أو أتحمل تلك المسؤوليات.