ويبدو أنّ هذه السورة الكريمة تبصّرنا بهذه الحقيقة فإذا بفاتحتها عتاب شديد ، لمن عبس وبسر في وجه الأعمى وتولّى بينما تصدى لمن استغنى. ثم يبيّن السياق سموّ قيمة الإيمان ، وقيمة القرآن ، ويهدينا إلى صفات حملته بحق ، وهم الكرام البررة الذين ينبغي أن يصبحوا محور التجمع الإيماني (لا أصحاب الغنى والجاه والشرف الزائف).
ثم ينعطف السياق نحو التذكرة بالإيمان عبر تعداد نعم الله على الإنسان وتقلباته منذ أن كان نطفة إلى أن أصبح بشرا سويّا وتيسّر لسبل الخير والسلام وحتى يموت فيدفن ، ويذكّرنا بواحدة من أعظم نعم الله علينا وهي نعمة الطعام ، ويدعونا إلى النظر فيها ، وكيف يوفّرها الله لنا بالغيث؟ كل ذلك لأنّ الإيمان بالله ونبذ الكفر بكلّ ألوانه هو السبيل لبناء مجتمع القيم الذي يسمو عن الخضوع لأصحاب المال والجاه.
وفي الختام ينذرنا الربّ بيوم الصّاخّة ، ويذكّرنا بأنّه في ذلك اليوم لا تنفع هذه العلاقات المادية فحتى الأرحام تنقطع ، إنّما القيمة الحق يومئذ هي العمل الصالح. ألا نجعله أيضا قيمة تجمعنا اليوم؟