قال : عبادة الطاغوت ، وحب الدنيا ، مع خوف قليل ، وأمل بعيد ، وغفلة في لهو ولعب ، قال : كيف كان حبكم للدنيا؟ قال : كحب الصبي لأمه إذا أقبلت علينا فرحنا وسررنا ، وإذا أدبرت بكينا وحزنّا ، قال : كيف كانت عبادتكم للطاغوت؟ قال : الطاعة لأهل المعاصي ، قال : كيف كانت عاقبة أمركم؟ قال : بتنا ليلة في عافية ، وأصبحنا في الهاوية ، فقال : وما الهاوية؟ فقال : سجين ، قال : وما سجين؟ قال : جبال من جمر توقد علينا الى يوم القيامة» (١).
[١٠] يتلقى الجاهل الموقف الصعب بتكذيبه ، ويزعم أنه لو دفن رأسه في التراب فإن الآخرين لا يرونه ، كلا .. ان الشمس لا تتلاشى إذا أغلقت نافذة غرفتك عنها ، كذلك حقيقة المسؤولية لا تنماث إذا أنكرتها ، بل كلما جحد الجاهل المسؤولية بنبرة أقوى وصلافة أشدّ كلما ازداد بعدا عن تحملها وقربا من العذاب ، ذلك أن التكذيب جريمة ، كما أنه علة لسائر الجرائم ، وتبلو عاقبة التكذيب عند قيام الساعة.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)
[١١] هكذا القرآن يغلق أمام النفس أبواب التبرير لعلها تعي المسؤولية وتتحملها ، وأعظم التبرير التكذيب ، ولا سيما التكذيب بيوم الدين الذي يهدم أساس الفكر.
(الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ)
لهؤلاء الويل واللعنة والثبور لمجرد تكذيبهم ، فكيف بسائر الجرائم التي ارتكبوها؟!
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ٥٣١.