[١٤] لما ذا يقف بعض الناس موقف الجاحد المعاند وبهذه الدرجة من آيات الله البينات ، أولا يحبون أنفسهم ، أولا يحكم العقل بضرورة الاستماع الى النذير فلعله يكون صادقا فيقعون في خطر عظيم؟! يجيب السياق عن هذا التساؤل : بأن للذنب أثرا سيّئا على القلب البشري ، وكلما تراكمت الذنوب تراكمت آثارها.
(كَلَّا)
ليست أساطير الأولين ، بل إنها حقائق من عند الله.
(بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ)
قالوا : ران بمعنى غلب ، واستشهدوا على ذلك باستخدام مفرداته ، مثل : رانت به الخمرة ، وران عليهم النعاس ، ويقال : قد رين بالرجل رينا إذا وقع فيما لا يستطيع الخروج منه ، ولكن ـ يبدو لي ـ أن الأصل في الرين الصدأ ، وهو الغلالة الخفيفة التي تحيط بالحديدة وما أشبه وتدل على فسادها. ولعل الفارق بينه وبين الصدأ أن الصدأ قد يكون في جزء ، بينما الرين يستخدم إذا أحاط الصدأ بالقلب تماما ، لذلك قال بعضهم : الرين ان يسوّد القلب من الذنوب ، ونقل عن ابن عباس : ران على قلوبهم أي غطى عليها.
ولكن كيف يرين الذنب على القلب؟ إن في قلب الإنسان قوى تتنازعه ، وإرادة الإنسان فوقها ، فإذا استسلم الإنسان لقوة الشهوات ضعفت إرادته ، وكسف نور عقله ، فلا يزال كذلك حتى يخبو عقله ، وتنماث إرادته فيسترسل كليا مع الشهوات ، ومن جهة اخرى : عند ما يرتكب البشر جريمة أو ذنبا يتهرب من وخز ضميره بتبريرهما ، ولا يزال يبرر لنفسه ما يرتكبه حتى يقتنع بذلك التبرير ، بل يتحول عنده إلى ثقافة متكاملة ، فلا يكاد يعرف الحقيقة ، ومن جهة ثالثة : الخير