دنياي وآخرتي. يا ارحم الراحمين» (١).
وإذا كان لقاء الله أعظم نعم المؤمنين فإن حرمان الفجار منه يعدّ أعظم عذاب لهم ، ولا يعرفون عمق هذه المأساة إلّا في يوم القيامة ، لذلك ترى الإمام أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ يجأر الى ربه خشية فراقه ويقول : «فهبني يا إلهي وسيدي ومولاي وربي صبرت على عذابك فكيف أصبر على فراقك ، وهبني صبرت على حرّ نارك فكيف أصبر عن النظر الى كرامتك» (٢).
[١٦] والعذاب الاخر تصلية النار ، فلا حجاب بينهم وبينها ، ولا ستر ، أو ليسوا لم يستروا أنفسهم منها في دار الدنيا ، ولم يتقوا حرها ولهيبها؟! فها هم اليوم يصلونها ويذوقون مسها مباشرة.
(ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ)
ما المؤمنون فقد تزودوا من الدنيا بزاد التقوى فسترهم عن النار في الآخرة كما استتروا بها عن الذنوب في الدنيا ؛ لأنهم عرفوا أن الذنوب تصحبهم من هناك إلى هناك ، حيث تتحول نيرانا لا هبة ، وحيات وعقارب وظلمات وآلاما ، فتحصنوا عنها بحصن التقوى.
[١٧] اما العذاب الثالث فهو الاذلال والتحقير والإهانة والتبكيت أوليسوا قد استهزءوا بالرسالات ، وقالوا : إن هي إلّا أساطير الأولين ، فاليوم يشمت بهم حتى يذوقوا العذاب الروحي الذي كانوا يذيقونه الدعاة الى الله بتكذيبهم والاستهزاء منهم.
(ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ)
__________________
(١) الصحيفة السجادية / مناجاة المريدين.
(٢) دعاء كميل / مفاتيح الجنان.