كم هم بحاجة إلى زاد الإيمان ووقود التقوى.
ولن يفلح الرساليون في صراعهم حتى يعرجوا إلى قمّة التوحيد ، والتوكل على ربّ العزة ، والصبر على الأذى والحق في سبيل الله ، ومن هذا المنطلق تأتي أهمية قيام الليل ، ويتضح دوره الأصيل في المسيرة الرسالية ، باعتباره معراجا رئيسيا إلى تلك القمّة السامقة.
٥ ـ وبعد أنّ يحذّر الله المكذبين أولي النعمة نفسه مذّكرا بالآخرة وعذابه الشديد فيها يذكّرنا تعالى بأنّ بعثه حبيبه الرسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلينا مظهر لسنته الجارية في الحياة ، حيث يبعث الرسل شهداء على الأمم (مبشرين ومنذرين) محذرا إيّانا من معصية أوليائه لأنّها تؤدي إلى الأخذ الوبيل في الدنيا ، كما انتهت بفرعون وملئه وجنوده ، وأعظم من تلك العاقبة عذاب يوم القيامة «يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً* السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ» لا ريب فيه ، وإنّها لمن عظيم تذكرة الله إلى خلقه «فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً».
٦ ـ وفي الخاتمة يبيّن لنا القرآن اهتمام الرعيل الأول بقيام الليل (وفي طليعتهم النبي الأعظم) الذين كانوا يقومون أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه حسب الظروف ، ويقدّمهم أسوة للأجيال بعد الأجيال ، معالجا في الأثناء موضوع الظروف الاستثنائية والأعذار الشرعية التي تمنع من قيام الليل ، وموجّها إيّانا إلى بعض التكاليف المفروضة ، وداعيا إلى الاستغفار «إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ».