التي ذكرها الله تعالى في القرآن وكانت مدينة عظيمة ؛ وكان بها طوائف من أهل اليمن. وعمان تسمى مدينة مأرب ، وهو اسم ملك البلاد وبهذه المدينة كان السد الذي أرسل الله إليه سيل العرم. (٢٥٧)
وكان من حديثه أن أمرأة كاهنة رأت في منامها أن سحابة غشيت أرضهم فأرعدت وأبرقت ثم صعقت فأحرقت كل ما وقعت عليه ؛ فأخبرت زوجها بذلك وكان يسمى عمرا ، فذهب إلى سد مأرب فوجد الجرذ وهو الفأر يقلب برجليه حجرا لا يقلبه خمسون رجلا ؛ فراعه ما رأى وعلم أنه لا بد من كارثة تنزل بتلك الأرض ، فرجع وباع جميع ما كان له بأرض مأرب وخرج هو وأهله وولده. فأرسل الله تعالى الجرذ على أهل السد الذي يحول بينهم وبين الماء فأغرقهم ، وهو سيل العرم ، فهدم السد وخرج أهل تلك الأرض فأغرقها كلها.
وهذا السد بناه لقمان الأكبر بن عاد ، بناه بالصخر والرصاص ، فرسخا في فرسخ ، ليحول بينهم وبين الماء وجعل فيه أبوابا ليأخذوا من مائه بقدر ما يحتاجون إليه. وكانت أرض مأرب من بلاد اليمن مسيرة ستة أشهر متصلة العمائر والبساتين ، وكانوا يقتبسون النار بعضهم من بعض ، وإذا أرادت المرأة الثمار وضعت على رأسها مكتلها وخرجت تمشي بين تلك الأشجار وهي تغزل ، فما ترجع إلا والمكتل ملآن من الثمار التي بخاطرها ، من غير أن تمس شيئا بيدها البتة.
__________________
ذكر في العهد القديم نسبة لحضر موت بن قحطان بن عابر. ونتيجة للحالة الاقتصادية لأهل هذا الوادي فقد انتشر أهله في أرجاء العالم الإسلامي.
(٢٥٧) سيل العرم : أي السيل البالغ الشدة ، وقيل ان العرم اسم الوادي الذي اقيم عليه السد وقيل ان العرم المطر الشديد (القاموس ، ج ٣ ، ص ٦١٠ ، واللسان ٤ / ٢٩١٤).