وفي المدينة منارة موثقة بالحديد والرصاص إذا هبت الريح مالت يمينا وشمالا وخلفا وأماما من أصلها ، ويوضع الخزف تحتها فتطحنه كالهباء. وفيها أيضا منارة من نحاس قد قلبت قطعة واحدة وليس لها باب ، وبها أيضا منارة قريبة من مارستانها (٢٨٦) قد ألبست جميعها من نحاس أصفر كالذهب محكم الصنعة والتخريم ، وعليها قصر قسطنطين باني القسطنطينية ، على قبره صورة فرس من نحاس ، وعلى الفرس شخص على صورة قسطنطين وهو راكب وقوائم الفرس محكمة بالرصاص ما عدا يده اليمنى فهي موقوفة في الجو ؛ وقد فتح كفه يشير نحو بلاد المسلمين ، ويده اليسرى فيها كرة. وهذه المنارة ترى على مسيرة يوم في البحر ، ونصف يوم في البر. ويقولون إن في يده طلسما يمنع العدو. وقيل إن على الكرة مكتوبا بالرومي : ملكت الدنيا حتى بقيت في يدي مثل هذه الكرة ، وخرجت منها هكذا لا أملك منها شيئا ؛ وبها منارة في سوق استبرين من الرخام الأبيض من رأسها إلى أسفلها صور مبنية ودار يزينها قطعة واحدة من النحاس ، وبها طلسم إذا طلع الإنسان عليها نظر. إلى سائر المدينة ، وبها قنطرة وهي من عجائب الدنيا سعتها يعجز الواصف عن ذكرها حتى يخرج الواصف إلى حد التكذيب ، وبها من النقوش ما لا يحده وصف
__________________
(٢٨٦) البيمارستان : Bedlam : كلمة فارسية تعني (دار المرضى). وهي (المستشفيات) التي شيدها الخلفاء والملوك والسلاطين والأمراء والوزراء وأهل الخير ولم تكن قاصرة على مداواة المرضى فقط بل كانت معاهد علمية أيضا ومدارس لتعليم الطب وقد أنشى أول بيمارستان في العالم الإسلامي في عهد الخليفة الأموى الوليد بن عبد الملك وازدهرت البيمارستانات في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد وأول بيمارستان عرفته مصر كان على عهد أحمد بن طولون ، أم اأضخم بيمارستان في مصر والعالم الإسلامي فكان الذي أنشأه المنصور قلاوون (٨٦٣ ه / ١٢٨٤ م) وقيل في وصفه غنه كان يسمح منه بالعلاج للرجال والنساء ولم يكن يطرد منه أحد ولا تحدد مدة العلاج كما عرف في مصر البيمارستان المنصوري" وكان من قبل قصرا اطميا" وكان مهيأ لثمانية آلف شخص.