ويقال إن بين الخزر وبين بلاد المغرب أربع أمم من الترك يرجعون إلى أب واحد وهم ذو وبأس شديد وقوة ، ولكل أمة منها ملك وهي : قحلى ، ويجعود ، ويحناك ، وأبو جردد ، ويقال إن الفرس لما فتحت تلك البلاد بنى قباذ مدينة البيلقان وبردغة وسد البر ، وبنى أنو شروان وابنه مدينة السابران وكسكر (٢٩٢) والباب ، والأبواب ، وعمل على أبواب جبل القيق الذي يقال إنه جبل الفتح من خارجه ثلاثمائة وستين قصرا مما يلي أرض الخزر. أرض الروس (٢٩٣) : وهي أرض واسعة الأقطار إلا أن العمارات بها منقطعة لا متصلة ، وبين البلد والبلد مسافة بعيدة ، وهم أمم عظيمة لا ينقادون لأحد من الملوك ولا لشريعة من الشرائع وعندهم معدن الذهب ؛ ولا يدخل إليهم غريب إلا قتلوه في الوقت والحال : وأرضهم بين جبال محيطة بها وتخرج من هذه الجبال عيون كثيرة تقع كلها في بحيرة تعرف بطوهي وهي بحيرة كبيرة في وسطها جبل عال فيه وعول كثيرة وتبر كثير ؛ ومن طرفها يخرج نهر ديانوس.
وغربي أرض الروس جزيرة دار موشة ؛ وفي هذه الجزيرة أشجار أزلية كثيرة منها أشجار إذا دار حول ساقها عشرون رجلا ومدوا باعاتهم على ساق الشجرة
__________________
(٢٩٢) كسكر : يقول عنها القزويني" ناحية بين واسط والبصرة على طرف البطيحة وهذه البطيحة كانت قرى ومزارع في زمن الأكاسرة.
(٢٩٣) أقدم وصف لروسيا كتبه بن فضلان عام ٩٢٢ م. فقد زار أحمد بن فضلان روسيا برسالة من الخليفة العباسي إلى ملك الصقالبة. وصل بن فضلان إلى بلقاريا (بشمال القوقاز) يوم ١٢ مايو ٩٢٢ م ، وقد اتخذت تتارستان المعاصرة من تلك المناسبة يوم عطلة دينية والإمبراطورية الروسية هو مصطلح يشار به إلى الفترة من تاريخ روسيا الواقع بين توسع روسيا تحت حكم بطرس الكبير إلى توسع الإمبراطورية الروسية من بحر البلطيق حتى المحيط الهادي إلى خلع نيقولاس الثاني آخر القياصرة الروس في بداية الثورة الروسية عام ١٩١٧ م. وخلال الفترة من ١٧٢١ م وحتى ١٩١٧ كان الاسم الرسمي للدولة الروسية هو الإمبراطورية الروسية.