الواحدة فلا يحرشوا بها. وأهلها يوقدون النار في بيوتهم نهارا لبعد الشمس عنهم وقلة الضوء. وبهذه الجزيرة قوم مستوحشون يعرفون بالبراري رؤوسهم لا صقة بأكتافهم ولا أعناق لهم ، ودأبهم ينحتون الأشجار الكبار ، ويتخذون أجوافها بيوتا يأوون إليها ، وأكلهم البلوط. وبها من الحيوان المسمى بالببر شيء كثير ، وهو حيوان غريب الوصف ولا يوجد ولا يعيش إلا في تلك الأمكنة.
والروس ثلاث طوائف طائفة تسمى كركيان ومدينتهم تسمى كركانية ؛ وطائفة تسمى أطلاوة ومدينتهم تسمى طلو ؛ وطائفة تسمى أرتى ومدينتهم تسمى أرتى. أرض التركش : وهي طويلة عريضة متاخمة لسد يأجوج ومأجوج ، ويجلب من جهتها السنجاب الفاخر ، والسمور (٢٩٤) والحرير والمسك وجلود النمر.
أرض الخزر : وهي أرض واسعة وبها أمم لا تحصى ؛ ومن مدنها المشهورة سمندو وهي مدينة حسنة ؛ وكانت في القديم مدينة عظيمة وكان بها من الكروم ما يخرج عن حد الوصف ، فخربتها الروس. وآخر أعمالها أول أعمال صاحب السرير ، وهي مدينة عظيمة وتسمى صاحب السرير ؛ لأن صاحبها اتخذ سريرا من ذهب مرصعا بالجواهر يقصر عنه الوصف صنع له في عشر سنين ؛ فلما تغلبت الروم على بلده بقي السرير على حاله ، وقيل إنه باق إلى الآن.
أثل : وهي مدينة كبيرة عامرة ، وأكثر بيوتها خركاوات ولبود (٢٩٥) ، وهي ثلاث قطع يقسمها نهر عظيم يرد من أعالي البلاد التركية ويسمى نهر أثل يتشعب من هذا النهر ثم يمر نحو بلاد التغزغز ، ويصب في بحر نيطش وهو بحر الروس ،
__________________
(٢٩٤) السمور : دابة تسوى من جلودها فراء غالية الأثمان وهو حيوان من بلاد الروس يشبه النمس ومنه أسود لامع وأشقر (اللسان ٣ / ٢٠٩٢).
(٢٩٥) اللبود : كل شعر أو صوف ملتبد (اللسان ٥ / ٣٩٨٤).