من هذا النهر خمس وسبعون شعبة ، كل شعبة منها نهر عظيم ، وعموده لا يتغير ولا ينقص ذرة لغزارة مائه وقوة امتداده ، فإذا انتهى إلى البحر يجري فيه يومين ولونه بائن من لون البحر ، ثم يختلط ويجمد في الشتاء لعذوبته. وفي هذا البحر حيوانات عجيبة.
حكى أحمد بن فضلان (٣٤٩) رسول المقتدر من خلفاء بني العباس إلى بلغار ، قال : لما دخلت بلغار سمعت أن عندهم رجلا عظيم الخلقة ، فسألت الملك عنه فقال : نعم ، ما كان من بلادنا ولكن قوما خرجوا إلى نهر أثل وكان قد مد وطغى ، ثم أتوا وقالوا أيها الملك إنه قد طفى على وجه الماء رجل كأنه من أمة بالقرب منا ، فإن كان ذاك فلا مقام لنا. فركبت معهم حتى سرت إلى النهر فإذا برجل طوله اثنا عشر ذراعا ورأسه كأكبر ما يكون من القدور ، وأنفه نصف ذراع وعيناه عظيمتان ، وكل أصبع أطول من شبر. فأخذنا نكلمه وهو لا يزيد على النظر إلينا. فحملته إلى مكاني وكتبت إلى وارسو كتابا وبيننا وبينهم ثلاثة أشهر أستخبرهم عن أمره ، فعرفوني أن هذا الرجل من يأجوج ومأجوج وقالوا : إن البحر يحول بيننا وبينهم. فأقام بين أظهرنا مدة ، ثم اعتل فمات.
نهر أذربيجان : قال صاحب المسالك والممالك الشرقية : إن هذا البحر يجري ماؤه ويستحجر فيصير صفائح صخر فيستعملونه في البناء.
نهر أشعار : قال صاحب تحفة الغرائب : إن هذا النهر يخرج من موضع يقال له : فج عروس ويفيض تحت الأرض ، ثم يخرج من مكان بعيد ، ثم يفيض ثانيا بين أرض منادرة وبطليوس ويخرج وينصب في البحر
__________________
(٣٤٩) ابن فضلان : هو أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد بن حماد مولى محمد بن سليمان ثم مولى لأمير المؤمنين ، فهو من العجم الموالى لهذا الزمان المعلومات المتوفرة عن ابن فضلان شديدة الندرة ، فمن غير المعروف : أين ولد؟ ولا متى ولد؟ ولا كيف نشأ ، ولا أين عاش مراحل حياته الأولى؟.