المائة والمائتين وفوق ذلك. ثم تنطبق الأصداف وتلتحم وتموت الدابة التي كانت في جوف الصدفة في الحال وترسب الأصداف إلى قرار البحر وتلصق به وينبت لها عروق كالشجرة في قرار البحر حتى لا يحركها الماء فيفسد ما في بطنها ، وتلتحم صفحتا الصدفة التحاما بالغا حتى لا يدخل إلى الدر ماء البحر فيصفره.
وأفضل الدر المتكون في هذه الأصداف القطرة الواحدة ثم الاثنتان ثم الثلاثة ، وكلما كثر العدد كان أصغر جسما وأخس قيمة ، وكلما قل العدد كان أكبر جسما وأعظم قيمة. والمتكون من قطرة واحدة هي الدرة اليتيمة التي لا قيمة لها والأخريان بعدها ، فالصدفة تنقلب إلى ثلاثة أطوار ، في الأول طور الحيوانية فإذا وقع القطر فيها وماتت الدويبة صار في طور الحجرية. ولذلك غاصت إلى القرار وهذا طبع الحجر وهو الطور الثاني. وفي الطور الثالث وهو الطور النباتي تشرش في قرار البحر وتمتد عروقا كالشجرة ، ذلك تقدير العزيز العليم. ولمدة حمله وانعقاده وقت معلوم وموسم يجتمع فيه الغواصون لاستخراج ذلك. هذا في البحر.
وأما في البر ففي الثامن عشر من نيسان في كل عام تخرج فراخ الحيات التي ولدت في تلك السنة وتسير من بطن الأرض إلى وجهها وتفتح أفواهها كالأصداف في البحر نحو اسماء كما فتحت الأصداف جوفها فما نزل من قطر السماء في فمها أطبقت فمها عليها ودخلت في جوف الأرض ، فإذا تم حمل الصدف في البحر لؤلؤا ودرا صار ما دخل في فم فراخ الحيات داء وسما. فالماء واحد والأوعية مختلفة ، والقدرة صالحة لكل شيء. وقيل في هذا المعنى :
أرى الإحسان عند الحرّ دينا |
|
وعند النّذل منقصة وذمّا |
كقطر الماء : في الأصداف درّ |
|
وفي جوف الأفاعي صار سمّا |
البلخش : هو حجر صلب شفاف كالياقوت في جميع أحواله ومنافعه.