وراءه؟ قال : حجاب من الريح. قال : فما وراء ذلك؟ قال : كنف محيط بالدنيا كلها. قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني عن أهل الجنة ، يأكلون ويشربون فكيف لا يب ولون ولا يتغوطون؟ وما مثل ذلك في الدنيا؟ قال : مثله في الدنيا الجنين الذي في بطن أمه يأكل مما تأكل ويشرب مما تشرب ، ولا يبول ولا يتغوط ، ولو بال أو راث لا نشق بطن أمه ولماتت أمه من تصاعد بخار ذلك إليها.
قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني عن أنهار الجنة ما هي؟ قال : يا بن سلام ، من لبن لم يتغير طعمه ، وخمر وماء وعسل مصفى. قال : صدقت يا محمد ، فأخبرني أجامدة هي أم جارية؟ قال : بل جارية بين أشجار وثمار ورياض. فقال : هل تنقص تلك الأنهار أم تزيد؟ قال : لا تنقص ولا تزيد. قال : فهل لذلك مثل في الدنيا؟ قال : نعم ، أما تنظر إلى البحار وما ينزل فيها من الأمطار وما يمدها من الأنهار منذ خلقت إلى الآن ، ولا يؤثر فيها زيادة ولا نقصان. قال صدقت يا محمد ، قال فأخبرني بأسماء أنهار الجنة وصفاتها. قال النبي صلى الله عليه وسلم : في الجنة نهر يقال له الكوثر ، رائحته أطيب من المسك الأذفر والعنبر ، حصباؤه الدر والجوهر والياقوت الأحمر ، عليه خيام من اللؤلؤ الأبيض ، وهو منزل أولياء الله تعالى.
قال : صدقت يا محمد ، فصف لي أشجار الجنة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا بن سلام ، في الجنة شجرة يقال لها طوبى ، أصلها در وأغصانها من زبرجد وثمرها من جوهر ، ليس في الجنة غرفة ولا حجرة ولا قصر ولا خيمة إلا وهي مطلة عليها. قال : صدقت يا محمد. فهل الدنيا لها من مثل؟ قال : نعم ، الشمس المشرقة ، تشرق على بقاع الدنيا ولا يخلو من شعاعها مكان. قال : صدقت يا محمد ، فهل في الجنة ريح؟ قال : يا بن سلام ، ريح واحدة خلقت من نور مكتوب عليها : الحياة واللذة لأهل الجنة ، ويقال لها البهاء ، فإذا اشتاق أهل الجنة أن يزوروا ربهم في الجنة هبت