واختلف في كمية عدد الأرضين قال الله عز وجل وهو أصدق القائلين : (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ)(٥٢) فاحتمل هذا التمثيل أن يكون في العدد والطباق. فروي في بعض الأخبار أن بعضها فوق بعض ، وغلظ كل أرض مسيرة خمسمائة عام ، حتى عدد بعضهم لكل أرض أهلا على صفة وهيئة عجيبة ، وسمى كل أرض باسم خاص ، كما سمى كل سماء باسم خاص. وزعم بعضهم أن في الأرض الرابعة حيات أهل الدنيا وفي الأرض السادسة حجارة أهل النار ، فمن نازعته نفسه إلى الاستشراف عليها نظر في كتب وهب بن منبه (٥٣) وكعب ومقاتل. وعن عطاء بن يسار (٥٤) في قول الله عز وجل : (سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ)(٥٥) قال : في كل أرض آدم (٥٦) مثل آدمكم ، ونوح مثل نوحكم ، وإبراهيم مثل إبراهيمكم. والله أعلم.
__________________
(٥٢) سورة الطلاق : آية ١٢.
(٥٣) يعتبر وهب بن منبه (ت ١١٠ ه / ٧٣٢ م) من رجال الطبقة الأولى من كتاب المغازي والسير وهو من مواليد اليمن ، فقد ولد في قرية تسمى زمار بجوار صنعاء حوالي سنة ٣٤ ه ومعنى هذا الاهتمام بالمغازي ، والسير لم يعد مقصورا على أهل المدينة وحدهم ، بل أصبح الاشتغال بها موضع اهتمام من العلماء في كل الأقطار الإسلامية ، وقد أسهم وهب بن منبه إسهاما طيبا في إثراء حركة التأليف في المغازي والسير وعاش حياة علمية ثرية.
(٥٤) عطاء بن يسار : تابعي أمولى أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث زوج محمدا كنيته أبو محمد. كان قاصا واعظا جليل القدر روى عن أمهات المؤمنين مولاته ميمونة وعائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما وعن زيد بن ثابت وأبي هريرة. طارده الحجاج فهرب إلى مكة مع تابعين آخرين فألقي القبض عليه وقتله الحجاج سنة ١٠٣ ه وهو ابن ٨٤ سنة.
(٥٥) سورة الطلاق : آية ١٢.
(٥٦) آدم : أبو البشر ، أول إنسان خلقه الله تعالى ، ونفخ فيه من روحه ، إذا سوّيته ونفخت فيه من رّوحي فقعوا له ساجدين الحجر : (٢٩) (تاريخ الطبري (١ / ٨٩) ، أخبار الزمان (ص ٧١).