فيأتون نوحا فيقولون مقالهم. فيقول : كيف لي بالشفاعة وقد أهلك الله بدعوتي من في الأرض وأغرقهم؟ ولكن انطلقوا إلى إبراهيم. فيأتون إبراهيم الخليل صلوات الله وسلامه عليه ويذكرون له الحال ويسألونه الشفاعة ، فيقول : ما لي وللشفاعة؟ ولكن انطلقوا إلى موسى بن عمران الذي كلمه الرحمن. قال : فيأتونه فيقول : كيف لي بالشفاعة؟ وقد قتلت نفسا وألقيت الألواح فتكسرت ، ولكن انطلقوا إلى عيسى بن البتول (٦١٧). فينطلقون إليه ويقولون مقالهم. فيقول : ما لي وللشفاعة؟ وقد اتخذني النصارى إلها من دون الله وإني لعبد الله ، ولكن أدلكم على صاحب الشفاعة الكبرى ، انطلقوا إلى أبي القاسم محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وسيد المرسلين.
فيأتون النبي صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين ، ووجهه يضيء على أهل الموقف ، فينادونه من دون منبره العالي : يا حبيب رب العالمين وسيد الأنبياء والمرسلين ، قد عظم الأمر وجل الخطب وطال الوقوف واشتد الكرب فاشفع لنا إلى ربنا في فصل الأمر ، فمن كان من أهل الجنة يؤمر به إليها ، ومن كان من أهل النار يؤمر به إليها ، الغوث الغوث يا محمد ، فأنت صاحب الجاه ، والمبعوث رحمة للعالمين ، قال : فيبكي النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأتي أمام العرش فيخر ساجدا فينادى : يا محمد ليس هذا يوم سجود فارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع : فيقول : يا رب مر بالعباد إلى الحساب فقد اشتد الكرب وعظم الخطب.
فيجاب إلى ذلك ويأمر الله عز وجل بالعرض للحساب ، ثم تزفر جهنم زفرة فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا أخذه الرعب والجزع ، وكل ينادي : نفسي يا رب ، فآدم يقول : يا رب أسألك حواء ولا هابيل ، ولا أسألك إلا نفسي ، ونوح ينادي : لا أسألك ساما ولا حاما بل أسألك نفسي ، والخليل ينادي : لا أسألك
__________________
(٦١٧) بتول Ascetic : المرأة المنقطعة عن الرجال والبتول مريم العذراء عليها السلام.