فاس (٨٥) : وهي مدينة كبيرة ومدينة صغيرة يشقها نهر كبير يأتي من عيون صنهاجة وعليه أرحاء كثيرة. وتسمى إحدى هاتين المدينتين الأندلس ومياهها قليلة والأخرى القرويس وهي ذات مياه كثيرة يجري الماء في كل شارع منها ، وسوق وزقاق (٨٦) وحمام ودار ، وفي كل زقاق ساقية متى أراد أهل الزقاق أن يجروها أجروها وإذا أرادوا قطعها قطعوها.
المهدية (٨٧) : مدينة حسنة حصينة بناها المهدي الفاطمي (٨٨) وحصنها وجعل لها أبوابا من حديد ، في كل باب ما يزيد على مائة قنطار ، ولما بناها وأحكمها قال : أمنت الآن على الفاطميين.
__________________
(٨٥) مدينة فاس هي ثالث أكبر مدن المملكة المغربية بعد الدار البيضاء والرباط بعدد سكان يزيد عن ٩٤٦ ألف نسمة (إحصائيات ٢٠٠٤ م). تعد فاس مدينة تاريخية عريقة وهي أول عاصمة سياسية للمغرب ، يعود تاريخ مدينة فاس إلى القرن الثاني الهجري ، عند ما قام بتأسيسها إدريس بن عبد الله مؤسس دولة الأدارسة عام ١٧٢ ه الموافق لعام ٧٨٩ م. في التاريخ الحديث ، كانت فاس عاصمة للمملكة المغربية حتى عام ١٩١٢ م فترة الاحتلال الفرنسي والتي استمرت حتى ١٩٥٦ م وتم فيها تحويل العاصمة إلى مدينة الرباط.
(٨٦) الزقاق : طريق ضيق غير نافذ وهو دون السكة والسكة دون الدرب والشارع وقد يطلق على الزقاق على الطريق الضيق عامة نافذا او غير نافذ (القاموس الاسلامي ، ج ٣ ، ص ٦٥).
(٨٧) خاب أمل أهل المغرب في عبيد الله المهدي ، وساء ظنهم به بعد أن ذهبت الوعود التي وعدهم بها أبو عبد الله الشيعي سدى ، فلم ينقطع الفساد بخلافة المهدي ، ولم يحل العدل والإنصاف محل الظلم والجور ، بالإضافة إلى السياسة المالية المتعسفة التي انتهجها الفاطميون في جمع الضرائب ، والتفنن في تنويعها حتى فرضوا ضريبة على أداء فريضة الحج ، وزاد الأمر سوءا قيام عبيد الله المهدي ودعاته بسبّ الصحابة على المنابر فيما عدا علي بن أبي طالب ، وعمار بن ياسر ، وسلمان الفارسي ، والتغيير في صيغة الأذان ، وهو ما لا يمكن أن يقبله شعب نشأ على السنة ، وتعصّب لمذهب الإمام مالك ، وكان من نتيجة ذلك أن اشتعلت عدة ثورات ضد عبيد الله المهدي ، ولكنه وإن نجح في إخمادها فإنه أصبح غير مطمئن على نفسه في مجتمع يرفض مذهبه ويقاطع دولته مقاطعة تامة ؛ ولذا حرص على أن يبعد عن السكنى في