بل مقتضاه شدة الاهتمام في باب الغسل وعدم ارتفاع اشتراطه بالعسر والحرج.
إلّا أن يقال : إن اعتبار شيء في عبادة ، سواء كان بالأمر الحاضر أو الغائب أو بالجملة الخبريّة ، ظاهر في كون الأمر من باب الاشتراط ، لا الواجب التعبدي في الواجب إن كانت العبادة واجبة ، أو المستحبّ في المستحب إن كانت العبادة مستحبة ، كما أنّ النهي عن الشيء مقيّداً بعبادة ظاهر في كون الأمر من باب الممانعة وفساد العبادة مع الاقتران بالمنهيّ عنه ، والأمر بالشيء مقيّداً بعبادة بالأمر الحاضر غير عزيز ، وقد حرّرنا المقال فيه في الأصول ، ومن باب الأمر الغائب والجملة الخبريّة ما في بيان زيارة عاشوراء من قوله : «فليعل أعلى منزله» ، وقوله عليه السلام : «برز إلى الصحراء أو صعد مرتفعاً في داره» حكاية الصعود إلى السطح والبروز إلى الصحراء في زيارة عاشوراء في الأمر الغائب ومطلق الزيارة في الجملة الخبريّة ، ويظهر الحال بما مرّ ، لكن اعتبار شيء في العبادة على وجه القضية الشرطية ، كما في هذه الأخبار المذكورة لا دلالة فيه على اشتراط الشيء في العبادة ، وإنّما المدلول اشتراط ترتّب الثواب والجزاء بالشيء المذكور ، فغاية الأمر الدلالة على كمال العبادة لا الاشتراط والإناطة.
بل نقول : إنّ مقتضى كثير من الروايات كون الغسل من باب الكمال.
كما رواه في «كامل الزيارة» بسنده عن بشير الدّهان ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «من أتى الحسين بن عليّ عليهما السلام فتوضّأ واغتسل في الفرات ، لم يرفع قدماً ولم يضع قدماً إلّا كتب الله عليه حجّة وعمرة» (١).
إذ لم يقل أحد باشتراط الوضوء مع الغسل لو كان العبارة بالواو ، أو على وجه الترديد لو كانت العبارة بأو ، فالظاهر مساوقة الوضوء والغسل ولا إشكال في كون الوضوء من باب الكمال.
__________________
(١) كامل الزيارة : ٣٤٥ ، الباب ٧٥ مَن اغتسل في الفرات وزار الحسين عليه السلام ، الحديث ٧.