وما ذكر فيها ثالثة من كتابة مائة ألف ألف درجة والكون كمن استشهد مع الحسين عليه السلام حتى يدرك في درجاتهم لا يعرف إلّا في الشهداء الذين استشهدوا معه وكتابة ثواب زيارة كل نبي وكل رسول وزيارة كلّ من زار الحسين عليه السلام مُنذ يوم قُتل عليه السلام ، بل على ذلك المنوال الحال فيما ذكر في رواية محمّد بن المشهدي في باب الجزاء من قبول الزيارة وشكر السعي ووصول السّلام وقضاء الحاجة بالغة ما بلغت والفوز بالجنّة والعتق من النار وغير ذلك مما ذكر في تلك الرواية ، وإن كان التوحّش والاستبعاد مما ذكر في تلك الرواية أقلّ ، إذ قبول الزيارة وقضاء الحاجة ووصول السّلام وأمثالها ليس مما يتوحش منه النفس وتستبعده ، نعم الفوز بالجنة مثلاً تتوحش منه النفس وتستبعده.
أقول : إنّ التوحّش والاستبعاد يطرّد في جميع المثوبات الجليلة الكثيرة الموعودة في الأخبار على الأعمال الخفيفة القليلة في كثير من الموارد ، وهذا من مشكلات الشريعة ، نظير مسألة الطّينة (١).
__________________
(١) هذا منه إشارة إلى أخبار الطينة الواردة في بيان طينة المؤمن وطينة الكافر ، وقد وردت في هذه المسألة أخبار كثيرة تصل إلى حدّ الاستفاضة ، بل يمكن القول ببلوغها التواتر المعنوي ولا أقلّ من التواتر الإجمالي ، فقد عقد لها الشيخ الكليني رحمه الله في اُصول الكافي باباً مستقلاً أسماه بـ (باب طينة المؤمن والكافر) ، وضمّنه مجموعة من الأخبار ، فراجع اُصول الكافي : ٢: ٣.
كما عقد لها العلّامة المجلسي رحمه الله في بحاره باباً أسماه بـ (باب طينة المؤمن وخروجه من الكافر ، وبالعكس) ، وضمّنه عدداً كبيراً من الأخبار ، فراجع بحار الأنوار : ٦٤: ٧٧.
وقد أشار إلى هذه الأخبار العلّامة الطباطبائي في الميزان ، وقال ما نصّه ـ ولِنعم ما قال ـ: «ويناسب المقام عدّة من أخبار الطينة ، كما رواه في البحار عن جابر بن عبدالله ، قال : «قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله : أوّل شيء خلق الله ما هو؟
فقال : نور نبيّك يا جابر ، خلقه الله ثمّ خلق منه كلّ خير ... الخ»