بل حكى الفاضل التقي المجلسي قدس سره في شرح مشيخة الفقيه عن شيخنا البهائي الحكم بطرح الأخبار المذكورة ، حيث إنه حكى عنه أنه قال في الدرس : «إنا نعلم قطعاً إن أمثال هذه الأخبار كاذبة ، فإنه ورد أنّ ثواب إطعام المؤمن ألف ألف حجة ، فحينئذٍ لايبقى للحجّة مقدار».
إلا أن الفاضل المذكور حكى أنه ذكر لشيخنا البهائي أنه لا يمكن إنكار أمثال هذه الأخبار ، فإنها متواترة معنىً ، قال : وقلت أنتم تروون أنّ ضربة عليّ عليه السلام أفضل من عبادة الثقلين إلى يوم القيامة وتعتقدونه ، ولا شك أنّ ذلك بسبب علوّ شأنه عليه السلام ، بل كل فعل من أفعاله كذلك ، وكذلك كلّ واحد من الأئمّة صلوات الله عليهم بالنظر إلى غيرهم فأيّ استبعاد في أن يكون ثواب خلّص أوليائهم كذلك ، كما وقع في إطعام المسكين واليتيم والأسير ، وهذه المثوبات العظيمة وكانت فضة الخادمة فيهم ، مع أنه فرق بين الثواب الاستحقاقي والتفضّلي.
قال : فاستحسن كلامي ولم يتكلّم بما كان يتكلّم قبله.
لكن فيما ذكره الفاضل المشار إليه مجال المقال ، ويمكن أن يقال : إنّ العقل لا يستبعد في المقام ترتّب المثوبات المذكورة على الزيارة لأنّه من باب الجزاء على ما تحمله سيّد الشهداء عليه السلام في سبيل الله وحراسته الدين بنفسه وماله وعياله بما تقاسر الألسن والأقلام عن تقريره وتحريره.
__________________
«أقول : والأخبار في هذه المعاني كثيرة متظافرة ، وأنت إذا أجلت نظرة التأمّل والإمعان فيها وجدتها شواهد على ما قدّمناه ، وسيجئ شطر من الكلام في بعضها. وإيّاك أن ترمى أمثال هذه الأحاديث الشريفة المأثورة عن معادن العلم ومنابع الحكمة بأنّها من اختلاقات المتصوّفة أوهامهم ، فللخلقة أسرار ، وهو ذا العلماء من طبقات أقوام الإنسان لا يألون جهداً في البحث عن أسرار الطبيعة منذ أخذ البشر في الانتشار ، وكلّما لاح لهم معلوم واحد بان لهم مجاهيل كثيرة ، وهي عالم الطبيعة أضيق العوالم وأخسّها ، فما ظنّك بما ورائها ، وهي عوالم النور والسعة» ـ الميزان : ١: ١٢١.