ولو جعل المعنى الأعلميّة بالحال ممّن كان يقرب قرب حبل الوريد ، كما هو مقتضى أوّل الأقوال التي ذكرها الطبرسي لكان أوجه ، وفي «البحار» : وفي «نسبة الأقربية إليه يعني حبل الوريد إشارة إلى جهة العلية» (١).
قوله : «وَيا مَنْ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ».
قد ذكر في معناه وجوه :
أحدها : أنّه سبحانه يقلب القلوب إلى ما لا يريده الإنسان ، كما قال أمير المؤمنين : «عرفت الله بفسخ العزائم».
وفي بعض الأدعية : «يا مُقَلِّبَ الْقُلوبِ» ففيه تنبيه على أن الله سبحانه مُطلع على مكنونات القلب بما عسى أن يغفل عنه صاحبها ، والظاهر أنّ هذا المعنى لا يتمشى إلّا بأن يكون الغرض أنه سبحانه يحول بين أعضاء المرء وجوارحه وقلبه بأن يؤثر القلب في الجوارح على مقتضى ميله ، ولايمكن هذا إلّا بصرف القلب عن ميله ، لكون القلب سلطان البدن والجوارح ، فجوارحه واعضائه غير متمكّنة من مخالفة ميله إلاّ بتحوّل ميله.
ثانيها : أنّه يحول بين المرء وانتفاعه أو انتفاع غيره بقلبه بالموت ، ففيه حث وتحريص علي المبادرة على الطاعة.
ثالثها : أنّه سبحانه أقرب إليه من قلبه ، نظير أنه سبحانه أقرب إليه من حبل الوريد ، فإنّ الحائل بين الشيء وغيره أقرب إلى الشيء من غيره.
رابعها : أنه سبحانه أعلم بما في قلب المرء من نفسه.
وأنت خبير بما فيه من شدّة خلاف الظاهر.
خامسها : أنّه سبحانه يكتم على المرء ما في قلبه وينسبه للمصالح.
__________________
(١) بحار الأنوار : ٩٨: ٣٠٢.