بالعدواة في الآية هو العدواة الدنيويّة لا العدواة الاُخرويّة ، أي المانعة عن الاشتغال بما يتعلّق بالآخرة ، ولا سيّما مع قلّة العقل في الأزواج بالنسبة إلى الرجال بعد قلّة عقلهم وكذا اعوجاج السليقة فيهن ، كما هو مقتضى ما في بعض الأخبار من : أنّ إبراهيم خليل الرحمن شكى إلى الله عزّ وجلّ من خُلُقِ سارة ، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه أن مثل المرأة مثل الضّلع إن أقمته انكسر وإن تركته استمتعت بها (١).
ويرشدك إليه أيضاً : أنّ الله سبحانه قد بالغ في وجوب مراعاة الوالدين حتى نهى عن التأفيف ، والحق دلالته على حرمة ما يساوي التأفيف وما دون التأفيف في الأذيّة بناء على كونه كناية عن حرمة مطلق الأذية من باب التنبيه بالخاص على العام ، كما حرّرناه في الاُصول ، وقال سبحانه : (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ) (٢) ، بل ربّما يستفاد من قوله سبحانه : (رَبَّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ) (٣) بعد أن نهى عن التأفيف وأوجب مراعاة الوالدين التهديد على إضمار الكراهة فإنّه لولا هذا لبعد الاقتران.
وانظر أيّها اللبيب ، أنّ المرأة المسبوقة بالتوصيف ، المحشورة مع الإنسان في اليوم والليل ، أعني الوالدة كيف يعسر الوفاء بخيالاتها ، ولا سيما مع وجود الزوج ، فإنه حينئذٍ تتزايد وتتأكّد شهوات الوالدة ، ولاسيّما مع فوت الوالد ، فإنه حينئذٍ تنصرف حاجاتها إلى الولد وتشتد الشدة ، وقد كان بعضٌ في حداثة السنّ صاحب الحرفة الدنيّة أو المتوسطة ، وكان له قطرة حسنة وتطرق عليه وسعة المعيشة وتأهل ولم يتمكّن من الازدواج مع الوالدة فخرج عن بيته ذبّاً عن المخالفة فكانت والدته تبكي وتضرب رأسها على الأرض وتدعو عليه إلى أن تدانى أمر معيشته ومات في
__________________
(١) فروع الكافي : ٥: ٥١٣ ، باب مداراة الزوجة ، الحديث ٢.
(٢) لقمان ٣١: ١٤.
(٣) الإسراء ١٧: ٢٥.