وهكذا إلى أن ينتهي بإعطاء زيد أربعة دراهم وإعطاء عمرو درهماً.
أو العطف مردد بين تكرير إعطاء الكل والتجزئة بوجوهها؟
الأظهر الأوّل نظراً إلى أن الغالب في استعمالات حروف العطف في باب عطف المفرد على المفرد كون العطف بعد تمامية الكلام بالمعطوف عليه ، نعم قد يعطف بالواو ما لا يستغني عنه ، نحو «اختصم زيد وعمرو» ، و «جلس زيد وعمرو» ، بل يختص بالواو من بين حروف العطف بذلك ، ومن هذا ما عن الأصعمي من أنه قال في قول امرئ القيس : «بسقط اللوى بين الدخول فحومل» أن الصواب أن يقال : بين الدخول وحومل ، لكن قد تعطف بأم المتصلة أيضاً مما لا يستغنى عنه نحو «سواء علي أقمت أم قعدت» ، فعطف ما لا يستغنى عنه بالواو بعيد نادر في استعمالات الواو ، وبعد ندرة هذا الاستعمال بالنسبة إلى سائر حروف العطف فلا مجال للإجمال في المثال المذكور فضلاً عن التجزئة المترددة بين الأقسام.
هذا كله لو كان التجزئة غير محتاجة إلى التكسير ، وأما لو احتيج إلى التكسير نحو أعط زيداً وعمرواً درهماً ، فخلاف الظاهر في التجزئة أزيد.
هذا كتبته في سوابق الأحوال.
وتحرير الحال أن يقال : إن عطف المفرد على المفرد هل يقتضي إناطة الحكم باجتماع المفردين المتعاطفين ، أو يقتضي استقلال كل من المفردين في تعلق الحكم إليه ، مثلاً لو قيل : «أعط زيداً وعمرواً درهماً» ، هل يقتضي العطف إعطاء الدرهم إلى زيد وعمرو معاً ، فلكل منهما نصف درهم ، أو يقتضي إعطاء الدرهم إلى كلٍ من زيد وعمرو بالاستقلال.
الظاهر الاتفاق على الاستقلال لو قيل بالإضمار ، أعني إضمار العامل في المعطوف عليه للمعطوف بأن صار الأمر من باب عطف الجملة على الجملة ، كأن أضمر لفظ أعط عاملاً لعمرو في المثال المذكور ، وهو أعني الإنفاق المشار إليه