فيهما ، قال : ما شكر البطن؟ قال : أن يكون أسفله طعاما وأعلاه علما ، قال : فما شكر الفرج؟ قال : كما قال الله عزوجل : (إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) إلى قوله : (فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ)(١) ، قال : ما شكر الرجلين؟ قال : إن رأيت خيرا أغبطته استعملت بهما عمله ، وإن رأيت شرا مقته كففتهما عن عمله ، وأنت شاكر لله عزوجل ، فأما من شكر بلسانه ولم يشكر بجميع أعضائه فمثله كمثل رجل له كساء يأخذ بطرفه ، ولم يلبسه ، فلم ينفعه ذلك من الحرّ والبرد والثلج والمطر.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، أنا أبو الفرج سهل بن بشر ، أنا علي بن ربيعة بن علي ، أنا الحسن بن رشيق ، نا إسحاق بن إبراهيم الحربي ، نا عمرو بن عثمان ، نا ضمرة ، عن ثوابة ، عن أبي حازم قال : وما الدنيا؟ وما إبليس؟ أما ما مضى منها فحلم ، وأما ما بقي فأماني ، وأما إبليس لقد أطيع فما نفع ، ولقد عصي فما ضرّ (٢).
أخبرتنا أم البهاء بنت البغدادي قالت : أنا أبو طاهر بن محمود ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا محمّد بن جعفر الزّرّاد ، نا عبيد الله بن سعد ، نا هارون بن معروف ، نا ضمرة ، عن ثوابة بن رافع قال : قال أبو حازم : وما إبليس؟ لقد عصي فما ضرّ ولقد أطيع فما نفع ، وكان يقول : وما الدنيا؟ ما مضى منها فحلم ، وما بقي منها فأماني (٣).
قال : وأنا أبو بكر بن المقرئ قال : حدّثناه أبو عروبة ، نا عمرو بن عثمان ، نا ضمرة مثله.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو زكريا بن أبي إسحاق ، أخبرني أبو بكر محمّد بن داود بن سليمان الزاهد ، نا إبراهيم بن عبد الواحد العبسي ، أنا وريزة (٤) بن محمّد الغسّاني ، نا عبد الوهاب بن الضحاك قال : سمعت ابن عيينة يقول : كان أبو حازم ينشد :
الدّهر أدّبني والصّبر ربّاني |
|
والقوت أقنعني واليأس أغناني |
وأحكمتني من الأيام تجربة |
|
حتى نهيت الذي قد كان ينهاني |
__________________
(١) سورة المؤمنون ، الآيتان ٦ و ٧.
(٢) انظر حلية الأولياء ٣ / ٢٤٥.
(٣) نقله الذهبي في سير الأعلام ٦ / ٩٩ من طريق ضمرة بن ربيعة.
(٤) ضبطت عن تبصير المنتبه.