الحكومة (١) أو التوفيق بين دليل اعتبارها وخطابه (٢)؟
والتحقيق أنّه للورود (٣) ، فإنّ رفع اليد عن اليقين السابق بسبب أمارة معتبرة
__________________
ـ في موضوع الاستصحاب.
والفرق بين الورود والتخصّص أنّ كلّا منهما وإن يشتركان في خروج الشيء عن موضوع دليل آخر حقيقة ، إلّا أنّ الخروج في التخصّص يكون تكوينا بلا عناية التعبّد من الشارع ، كخروج الجاهل عن موضوع دليل «أكرم العلماء» ، فإنّ الجاهل خارج عن عموم العلماء تكوينا ؛ والخروج في الورود ببركة التعبّد الشرعيّ.
(١) وهي ـ على ما يستفاد من كلمات الشيخ الأعظم الأنصاريّ ـ عبارة عن كون دليل ناظرا إلى الدليل الآخر ، بأن يتصرّف الدليل الحاكم فيما يتكفّله الدليل المحكوم من الحكم الشرعيّ بعناية التصرّف في موضوعه ، فينفي وجود موضوعه في مورد أو يثبته ، بأن يتصرّف إمّا في موضوع الدليل المحكوم بإدخال ما يكون خارجا عنه أو بإخراج ما يكون داخلا فيه ، كقولنا : «الفاسق عالم» أو «الفاسق غير عالم» عقيب قولنا : «أكرم العلماء» ، وإمّا في محموله بتضييق دائرة الحكم وتخصيصه ببعض الحالات أو الأفراد.
والفرق بينها وبين التخصيص أنّ الدليل المخصّص يكون لسانه تحديد موضوع دليل العامّ وإخراج مدلوله عن موضوع دليل العامّ إخراجا حقيقيّا ؛ بخلاف الدليل الحاكم ، فإنّ لسانه تحديد موضوع الدليل المحكوم أو محموله تنزيلا وادّعاء.
(٢) مراده من التوفيق بين دليل اعتبار الأمارة وخطاب الاستصحاب هو الجمع العرفيّ ، بأن يقال : إنّ البناء على الحالة السابقة المتيقّنة حجّة لو لم تقم الأمارة المعتبرة على خلافها ، فيدلّ دليل اعتبار الاستصحاب على حكم اقتضائيّ ، ودليل اعتبار الأمارة على حكم فعليّ.
(٣) ولا يخفى : أنّ ما اختاره في المقام ينافي ما اختاره في تعليقاته على مبحث البراءة من فرائد الاصول ، فإنّه قال : «ومجمل الكلام في تقديم الدليل على الأصل هو أنّه إمّا وارد عليه برفع موضوعه حقيقة ، كما هو الحال في الدليل العلميّ بالنسبة إلى الأصل العمليّ مطلقا ، أو الدليل مطلقا بالإضافة إلى خصوص أصل كان مدركه العقل ، فإنّ موضوع حكم العقل بالبراءة أو الاحتياط أو التخيير يرتفع حقيقة بقيام الدليل المعتبر ، بداهة صلاحيّته للبيان ولحصول الأمان من العقاب وللمرجّحيّة. وإمّا حاكم عليه برفع موضوعه حكما ، كما هو الحال في الدليل غير العلميّ بالنسبة إلى كلّ أصل كان مدركه النقل». درر الفوائد : ١٨٤.
وأيضا ينافي ما اختاره في مبحث التعادل والتراجيح من الكتاب من تقدّم الأمارة على الاستصحاب بالجمع العرفيّ بالتصّرف في الدليلين الّذي جعله قسما للورود في المقام ، وهو بظاهره ينافي ما ذكره هاهنا.