اختيار ، إذ لا تستطيع ذوات الأربع أن تقوم بوظيفة من يمشي على رجلين ، ولا تستطيع التي تمشي على بطنها أن تنافس من تمشي على أربع.
فإذا جئنا للمخلوق الذي يمشي على رجلين فما قصته في الاختيار؟
هذا هو الاختيار الأدقّ ، هذا هو الاختيار الذي تجلّت فيه الربوبية بكامل إبداعها وتقديرها ، تجلّت تحدياً وإثباتاً للقدرة ، وعند نقطة التحدي بدأت المشكلة في رفض الاختيار ، فما هي نقطة التحدي؟
[ نقطة التحدّي في رفض الاختيار ]
إنّ الله تبارك وتعالى العليم بخلقه ، لمّا خلق الجنّ وأسكنهم الأرض التي نحن فيها الآن ، وكانت لهم فيها سيادة ، وكانت لهم فيها قدرات تزيد على قدرات الإنس ، قدرات خالية من الأذواق ، قدرات مردة الجن ، عفاريت الجن ، هؤلاء الجن المعمرين واحدمنهم أحسن العبودية لله فدخل عليه تحسين إلهي واختيار إلهي آخر ، وهو إبليس الذي يصفه الله عز وجل في سورة الكهف تعليلا لاستكباره عن السجود لآدم حيث يقول : ( إلاّ إبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أمْرِ رَبِّهِ ) (١).
__________________
١ ـ الكهف : ٥٠.