الشاهد هو أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان في وسعه أن يقول : قريش التي عذبتنا واضطهدتنا وألجأتنا إلى الهجرة .. فنأخذ أموال أهل مكّة ونستعين بها على ما نحن في سبيله.
لكن هذه الإمامة .. هذه النبوة الخاتمة ، تأبى ذلك ، فتندب الإمام لردّ الودائع وهو القصد الأساسي ، لأنّ نجاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من قبضة الكفار كان من اليسير أن تتمّ بغير نوم أمير المؤمنين عليهالسلام في فراشه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لكن الأهم ردّ الودائع ، وهذه عملية مادية ، فنهض أمير المؤمنين بردّ الودائع ، ليكون في ذلك برهان ساطع على أنّ منهج محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وقرآن محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم مصدّق لما بين يديه من الكتاب ومهيمن عليه.
[ محاولة كفّار مكّة هدم الإسلام من داخله : ]
كفّار مكّة بعد أن نجا منهم رسول الله صلىاللهعليهوآله وبعد أن حاربوه في بدر وأُحد والأحزاب ـ وكلّها مشاهد ما جلاّها ولا كشف غمّتها عن وجه رسول الله إلاّ سيف أمير المؤمنين علي ـ بعد أن يئست قريش من أن تهدم الإسلام من خارجه ، رأت أن تهدمه من داخله ، واستغلّت الخُلُق العظيم للنبي الكريم الرؤوف الرحيم ـ لأنّه ليس نبي انتقام ـ فجاؤوا يوم فتح مكة وشهدوا على أنفسهم وشهد عليهم رسول الله صلىاللهعليهوآله بأنّهم ما دخلوا الإسلام وإنّما أخذوا عفواً نبويّاً ، عفو