إنّ إبليس فرح مع أول دفقة دم لابن آدم على يد أخيه ، وقال : ها لقد نجحت في التحدي!! لأنّ هو تحدى كما يقصّ القرآن : ( قَالَ أَرَأَيتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أخَّرتَنِ إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ لأحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَتَهُ إلاّ قَلِيلا ) (١) ، فإبليس يقول : إنّك إن أخرتني يا ربّ ، فهو أيضاً معترف بالله وبالبعث ، هذا إبليس يؤمن بالله ربّاً خالقاً وبالبعث ، لكن سقط في امتحان الاختيار وبدأ يتحدّى ويقول : إن أخرتني ليوم القيامة سوف آخذ أبناء آدم منك ، أي من عبوديتهم لك ، ليكونوا عبادي أنا! ولهذا يقول الحق عن إبليس : ( أفَتَتخِذُونَهُ وَذُرِّيَتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَالِمينَ بَدَلا ) (٢).
بدأت سُنة الاختيار تصبح من سنن الله التي لا تجد لها تبديلا ولا تحويلا لمّا تكاثر البشر وبدأت النبوّات.
[ الاختيار في زمان نوح عليهالسلام ]
ربّنا يعبّر عن إرسال نبيه نوح عليهالسلام أبو البشر الثاني بتعبير يمثّل روح الإمامة ، أنظروا إلى نور الإمامة بدأ يشرق متمثّلا بالإصطفاء : ( إنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحَاً ) (٣) ، والإصطفاء يعني الصفوة ، وهو
__________________
١ ـ الإسراء : ٦٢.
٢ ـ الكهف : ٥٠.
٣ ـ آل عمران : ٣٣.