وفي أهله اسم طائر ، يقول من الشعر ما يشهد له بكرم الطبع ، وسعة الذّرع ، كان يوما مع أبي إسحاق بن خفاجة وجماعة من الأدباء تحت خوخة منورة ، فهبّت ريح صرصر أسقطت عليهم جميع زهرها ، فقال ابن عائشة (١) : [مخلع البسيط]
ودوحة قد علت سماء |
|
تطلع أزهارها نجوما |
كأنما الجوّ (٢) غار لمّا |
|
بدت فأغرى بها النسيما |
هفا نسيم الصّبا عليها |
|
فخلتها أرسلت رجوما |
ومن المسهب : ممن أنشأته بلنسية من الأعلام ، وأظهرته من السادة الكرام ، لكنه عاش زمانا ، وما علم أنه من الجماهير ، إلى أن نبّه السعد عليه أمير الملثّمين فأشرقت به تلك الدياجير ، واستدعاه فقدمه على حسبانات جميع المغرب ، ووضع في يديه مقاليد الأعمال ، وحكّمه في الأموال ، فعظم قدرة ونبه ذكره. وله نظم أرقّ من دمعة مهجور ، تدار عليك به صافية الخمور.
ومن السمط : ذو الجانب السهل ، والرّحب والأهل ، والمنتهى في السيادة ، وحسن الإراغة والإرادة. ومن نثره.
أطال الله ـ يا عياذي الأعلى وعتادي الأقوى ـ بقاءك ، وأحسن في هذا الملمّ المبهم عزاءك ، وسرّك ولا ساءك ، كتبته ، دام عزك ، وإن يدي لا تكاد تطاوعني إشفاقا ، ونفسي لا تكاد تملي عليّ ارتماضا واحتراقا ، لما ورد فأصمى وأوجع ، وأصمّ به الناعي وإن كان أسمع. وأنشد له من قصيدة قوله : [الرمل]
كم له عندي من مكرمة |
|
أنفدت شكري وأعيت منطقي |
أثقلت تلك المساعي كاهلي |
|
طوّقت تلك الأيادي عنقي |
ومنها : [الرمل]
لم تكن علياؤه فيمن مضى |
|
لا ، ولا آلاؤه فيمن بقي |
وسليل المجد أعني نجله |
|
مدرك غاية ذاك الطّلق |
البيوت
٥٦٠ ـ أبو محمد عبد الله بن واجب
__________________
(١) الأبيات في نفح الطيب (ج ٥ / ص ١٦٣) والذخيرة (ق ٣ / ص ٨٨٧).
(٢) في النفح : كأنما الأفق.