٣٥٤ ـ جاحظ المغرب ، صاحب المسهب (١) أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن إبراهيم الحجاري (٢)
هو أول من أسمى هذا التصنيف ، وفتح بابه لمن بعده من بني سعيد. وقد أطنب والدي في الثناء عليه من طريق البلاغة نظما ونثرا ومعرفة التصنيف ، وقال فيه : وبم أصفه ، وقدرة اللسان لا تنصفه. وفد على عبد الملك بن سعيد ، وهو حينئذ صاحب القلعة المنسوبة إلى سلفه ، وأنشده قصيدة منها (٣) : [الوافر]
عليك أحالني الذّكر الجميل |
|
فجئت ومن ثنائك لي دليل |
أتيت ولم أقدّم من رسول |
|
لأنّ القلب كان هو الرّسول |
ومنها في شكله البدويّ : [الوافر]
أجل طرفا لديّ فإنّ عندي |
|
من الآداب ما يحوي الخليل |
ومثّلني بدنّ فيه سرّ |
|
يخفّ به ومنظره ثقيل |
فاختبره عبد الملك ، فأحمده ، وصنف له كتاب المسهب في فضائل المغرب ، وهو أصل هذا الكتاب ، كما تقدم في الخطبة. وقد تقدم من نثره في أوصاف من يذكرهم في كتابه ، ما يدلّ على مكانه في النظم ، وأحسن نظمه قوله :
ملك طفيليّ السما |
|
ح على الأقارب والأباعد |
ما فرّجت أبوابه |
|
إلا تفرّجت الشدائد |
وقوله في بني سعيد : [الطويل]
وجدنا سعيدا منجبا خير عصبة |
|
هم في بني أمانهم كالمواسم |
مشنّفة أسماعهم بفضائل |
|
مسوّرة أيمانهم بالصّوارم |
فكم لهم في الحرب منفضل ناثر |
|
وكم لهم في السلم من فضل ناظم |
وقوله :
__________________
(١) هو كتاب : المسهب في أخبار أهل المغرب ـ لأبي محمد عبد الله بن إبراهيم بن الحجاري الحافظ الأندلسي. كشف الظنون (ج ٤ / ص ٤٨٣).
(٢) الحجاري : هو أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الكندي الحجاري الأندلسي المالكي المتوفى سنة ٥٨٤ ه. له (حديقة في علم البديع) و (المسهب في أخبار المغرب) كشف الظنون (ج ٥ / ص ٤٥٧) ونفح الطيب (ج ٥ / ص ٢٦٥ ، ٢٦٦).
(٣) الشطر الأول في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٢٦٦) وأنشد له أبياتا من القصيدة لم يذكرها ابن سعيد هنا.