وتوفّي سنة تسع وثلاثين ومائتين :
ومن كتاب الشعراء
٤٠٩ ـ أبو القاسم محمد بن هانىء الأزديّ (١)
أصله من بني المهلّب الذين ملكوا إفريقية ، وانتقل أبوه منها إلى جزيرة الأندلس ، وسكن إلبيرة ، فولد بها محمد بن هانىء المذكور ، وبرع في الشعر ، واشتهر ذكره ، وقصد جعفر بن عليّ الأندلسيّ ملك الزّاب من الغرب الأوسط. فوجد بابه معمورا بالشعراء وعلم أن وزيره وخواصّه فضلاء ، لا يتركون مثله يقرب من ملكهم : فتحيّل بأن تزيّا بزيّ بربريّ ، وكتب على كتف شاة مجرود من اللحم :
الليل ليل والنهار نهار |
|
والبغل بغل والحمار حمار |
والديك ديك والدجاجة زوجه |
|
وكلاهما طير له منقار |
ووقف بهذا الشعر للوزير ، وقال أنا شاعر مقلق أريد أنشد الملك هذا الشعر ، فضحك الوزير وأراد أن يطرف الملك به فبلغه ذلك فأمر بوصوله إليه ومجلسه غاصّ ، فلما دخل عليه قام وعدل عن ذلك الشعر ، وأنشد قصيدته الجليلة التي يصف فيها النجوم : [الطويل]
أليلتنا إذا أرسلت واردا وحفا |
|
وبتنا نرى الجوزاء في أذنها شنفا (٢) |
وبات لنا ساق يصول على الدجى |
|
بشمعة صبح لا تقطّ ولا تطفا |
أغنّ غضيض خفّف اللين قدّه |
|
وأثقلت الصهباء أجفانه الوطفا |
ولم يبق إرعاش المدام له يدا |
|
ولم يبق إعنات التثنّي له عطفا |
نزيف قضاه السكر إلا ارتجاجة |
|
إذا كلّ عنها الخضر حمّلها الرّدفا |
يقولون حقف فوقه خيزرانة |
|
أما يعرفون الخيزرانة والحقفا (٣) |
ثم مرّ فيها في وصف النجوم إلى أن قال :
__________________
(١) ترجمته في جذوة المقتبس (ص ٨٩) وفي المطرب (ص ١٩٢) وبغية الملتمس (ص ١٣٠) والمطمح (ص ٧٤) والإحاطة (ج ٢ / ص ٢١٢) وفي الرايات لابن سعيد (ص ٥٥) والمسالك (ج ١١ / ص ١٧٧).
(٢) الشّنف : القرط الأعلى والجمع (شنوف).
(٣) الحقف : المعوجّ من الرمل. والجمع : حقاف. والخيزران بضم الزاي : شجر وهو عروق القناة والجمع : خيازر.