وقد هتفت ورق الحمام بدوحها |
|
وكفّ الصّبا زهر الحدائق تنثر |
مشعشة رقّت وراقت كأنما |
|
يصاغ لها من صنعة المزج جوهر |
إذا قهقه الإبريق قالوا تكلّمت |
|
كما أنّها عن أعين المزج تنظر |
وإن لمحت في كأسها رفرفت هوى |
|
عليها نفوس بالتنسّم تسكر |
٤٢١ ـ عبد الرحيم بن الفرس (١) يعرف بالمهر
قرأ مع والدي وكان يصفه بالذكاء المفرط والتفنن والتقدم في الفلسفة ، وآل أمره إلى أن سمت نفسه لطلب الهداية ، فأظهر أنه القحطانيّ الذي ذكر النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، أنه لا تقوم الساعة حتى يقود الناس طوع عصاه ، وكان قيامه في برابر لمطة في قبلة مراكش ، وقال يخاطب بني عبد المؤمن شعرا اشتهر منه : [البسيط]
قولوا لأبناء عبد المؤمن بن علي |
|
تأهّبوا لوقوع الحادث الجلل |
قد جاء سيد قحطان وعالمها |
|
ومنتهى القول والغلّاب للدول |
الناس طوع عصاه وهو سائقهم |
|
بالأمر والنّهي نحو العلم والعمل |
فبادروا أمره فالله ناصره |
|
والله خاذل أهل الزّيغ والميل |
وآل أمره معهم إلى أن قتلوه ، وأرسلوا رأسه إلى مراكش ، فعلّق على باب الشريعة.
٤٢٢ ـ أبو بكر عبد الرحمن بن أبي الحسن بن مسعدة (٢)
بيت رفيع في غرناطة. أخبرني والدي : أنه من كتّاب عثمان بن عبد المؤمن ملك غرناطة ، ولما قتل عثمان المذكور أبا جعفر بن سعيد كتب ابن مسعدة إلى أبيه عبد الملك بن سعيد رسالة ، منها :
أيّتها النفس أجملي جزعا |
|
إنّ الذي تحذرين قد وقعا |
سيدي الأعلى : نداء من كاد قلمه لا يطيعه ، ومن تمحو ما كتبه دموعه ، مثلك لا يعلّم التعزّي ومثل المفقود ، رحمة الله عليه ، لا يؤمر بالصبر عنه : [الوافر]
إذا قبح البكاء على قتيل |
|
رأيت بكاءك الحسن الجميلا |
ولا أقلّ من أن تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا يفعل ما يوهن المجد ، ولا يقال ما يسخط
__________________
(١) انظر تاريخ ابن خلدون (ج ٦ / ص ٢٥٠).
(٢) انظر ترجمته في الوافي للصفدي (ج ٦ / ص ٩٤) وفي التحفة (رقم ٥٣) وفي التكملة (ص ٥٨٠).