قال علي بن إبراهيم : سمعت عبد الرّحمن يقول (١) : لم يدعني أبي أشتغل بالحديث (٢) حتى قرأت القرآن عن الفضل بن شاذان ، ثم كتبت الحديث.
وكان حافظا للقرآن ، ويصلّي التراويح بنفسه.
قال علي بن إبراهيم : وسمعت أبا عبد الله بن دينار الدّينوري يقول :
قد رأيت مشايخ أهل العلم ما رأيت أحسن شيبة من عبد الرّحمن بن أبي حاتم.
قال علي بن عبد الرّحمن : كان عبد الرّحمن بن أبي حاتم مقبلا على العبادة من صغره ، والسهر بالليل ، والذكر ولزوم الطهارة ، فكساه الله بها نورا ، فكان يسر به من نظر إليه.
قال : وأنا علي بن إبراهيم قال : سمعت أبا بكر محمّد بن عبد الله البغدادي بمكة يقول
كان من منّة الله على عبد الرّحمن أنه ولد بين قماطر العلم والروايات ، وتربّى بالمذاكرات مع أبيه (٣) وأبي زرعة ، فكانا يزقّانه كما يزقّ الفرخ الصغير ، ويعنيان به فاجتمع له مع جوهر نفسه كثرة عنايتهما ، ثم تمّت النعمة برحلته مع أبيه ، فأدرك الإسناد وثقات الشيوخ بالحجاز والعراق والشام والثغور ، وسمع بانتخابه حين عرف الصحيح من السقيم ، فترعرع في (٤) ذلك ، ثم كانت رحلته الثانية بنفسه بعد تمكن معرفته ، يعرف له ذلك ، وتقدم بحسن فهمه وديانته ، وقديم سلفه.
قال : ونا علي بن إبراهيم : قال : سمعت أبا أحمد الدّرستيني (٥) يقول :
سمعت عبد الرّحمن يقول : ساعدني (٦) الدولة في كل شيء حتى أخرجني (٧) أبي سنة خمس وخمسين ومائتين وما احتلمت بعد ، فلما بلغنا الليلة التي خرجنا فيها من المدينة نريد ذا (٨) الخليفة احتلمت فحكيت ذلك لأبي فسر بذلك وقال : الحمد لله حيث أدركت حجة الإسلام.
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٦٥ وتذكرة الحفاظ ٣ / ٨٣٠ وطبقات السبكي ٣ / ٣٢٥.
(٢) في تذكرة الحفاظ : «أطلب الحديث» وفي سير أعلام النبلاء : أشتغل في الحديث.
(٣) بالأصل : «مع بين أبيه» والمثبت عن م.
(٤) في م : «من ذلك».
(٥) غير واضحة بالأصل ، والمثبت عن م وسير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٦٦.
(٦) كذا بالأصل وم ، وفي المختصر ١٥ / ٢١ ساعدتني.
(٧) «أخرجني أبي» ليس في م.
(٨) بالأصل : ذي ، والمثبت عن م.
وذو الحليفة : قرية بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة ، ومنها ميقات أهل المدينة (معجم البلدان).