قال علي بن إبراهيم : وفي هذه السنة سمع عبد الرّحمن من ابن المقرئ حديثه عن سفيان ومن مشايخ مكة الواردين إليها ، وخرج عبد الرّحمن ، ومات ابن المقرئ من قابل سنة ست وخمسين ومائتين ، وسمع عبد الرّحمن في انصرافه من الحج سنة ست وخمسين من أبي سعيد الأشجّ ، ومشايخ الكوفيين مع أبيه ، ومشايخ الواسطيين أحمد بن سنان وعدة مشايخ أهل واسط ، والحسن بن عرفة ببغداد ، وسامرّاء.
قال عبد الرّحمن : سمعت الحسن بن عرفة يقول : أنا ابن مائة وعشر سنين.
قال علي بن إبراهيم : سمعت أبا الحسن علي بن أحمد الخوارزمي بالري يقول : عبد الرّحمن بن أبي حاتم إمام ابن إمام ، قد ربي بين إمامين : أبي حاتم ، وأبي زرعة ، إمامي هدى.
قال : وسمعت عبد الرّحمن يوما يقول : لا يستطاع العلم براحة الجسم (١).
وقال (٢) : كنا بمصر سبعة أشهر ، فلم نأكل فيها مرقة ، وذلك أنّا كنا نغدو بالغدوات إلى مجلس بعض الشيوخ ، ووقت الظهر إلى مجلس آخر ، ووقت العصر إلى مجلس آخر ، ثم بالليل للنسخ والمعارضة (٣) ، فلم نتفرغ نصلح شيئا ، وكان معي رفيق خراساني أسمع في كتابه وسمع في كتابي ، فما أكتب لا يكتب وما يكتب لا أكتب ، فغدونا يوما إلى مجلس بعض الشيوخ فقال : هو عليل ، فرجعنا فرأينا في طريقنا حوتا يكون بمصر ، يشق جوفه فيخرج منه أصفر ، فأعجبنا فلما صرنا إلى المنزل حضر وقت مجلس بعض الشيوخ ، فلم يمكننا إصلاحه ، ومضينا إلى المجلس فلم نزل حتى أتى عليه ثلاثة أيام ، كاد أن يتغير فأكلناه نيئا.
فقيل له : كنتم تعطونه (٤) لمن يشويه ويصلحه ، قال : من أين كان لنا فراغ.
قال علي بن إبراهيم : وكان هذا في الرحلة الثانية ، وذلك أنه استأذن أباه وتشفع إليه بأبي زرعة أن يأذن له في الرحلة ، فلم يأذن له حتى ألحّ عليه ، ولم يكن لأبي حاتم في هذا الوقت ولد إلّا عبد الرّحمن ، وكان له أولاد قبله فماتوا ، فلم تطب نفسه أن يأذن له ، ثم أذن له
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٦٦ وتذكرة الحفاظ ٣ / ٨٣٠.
(٢) القائل ابن أبي حاتم ، والخبر نقله الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٦٦ وتذكرة الحفاظ ٣ / ٨٣٠ من طريق علي بن أحمد الخوارزمي.
(٣) في سير أعلام النبلاء : «والمقابلة» وفي تذكرة الحفاظ : ننسخ ونقابل. وفي م : للتسبيح والمعارضة.
(٤) في م : تعطون.