قال علي بن إبراهيم : سمعت أحمد بن محمّد بن عمر الرازي بعد وفاة عبد الرّحمن بن أبي حاتم والناس مجتمعون للتقرئة والمسجد غاصّ بأهله ، قام فقرأ : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ)(١) إلى قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ)(٢) الآية ، فضج المسجد بالبكاء والنحيب ، وقالوا : أنرجو أن يكون عبد الرّحمن من أهل هذه الآيات فإنّ هذه الخصال كانت كلها فيه.
قال علي بن إبراهيم : دخلنا يوما على عبد الرّحمن بغلس قبل صلاة الفجر في مرضه الذي توفي فيه ، وكان على الفراش قائما يصلي ، وكنا جماعة وأبو الحسين الدّرستني في الجماعة ، فركع ، فأطال الركوع (٣) فقال أبو الحسين : هو على العادة التي كان يستعملها في صحته.
أنبأنا أبو (٤) عبد الله محمّد بن علي بن أبي العلاء وغيره ، قالوا : أنا أبو القاسم أحمد بن سليمان بن خلف بن سعد الباجي ، قال : قال أبي أبو الوليد الباجي : عبد الرّحمن بن أبي حاتم حافظ ثقة (٥).
كتب إليّ أبو نصر بن القشيري ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، سمعت أبا أحمد الحافظ يقول : ـ وهو محمّد بن محمّد بن أحمد بن إسحاق الحاكم :
كنت بالري فرأيتهم يوما يقرءون على أبي (٦) محمّد بن أبي حاتم كتاب : «الجرح والتعديل» ، فلما فرغوا قلت لابن عبدويه (٧) الوراق : ما هذه الضحكة؟ أراكم تقرءون كتاب «التاريخ» لمحمّد بن إسماعيل البخاري على شيخكم على الوجه ، وقد نسبتموه إلى أبي زرعة ، وأبي حاتم؟ فقال : يا أحمد ، اعلم أن أبا زرعة وأبا حاتم لما حمل إليهما هذا الكتاب قالا : هذا علم حسن لا يستغنى عنه ، ولا يحسن بنا أن نذكره عن غيرنا ، فأقعدا أبا محمّد عبد الرّحمن حتى سألهما عن رجل بعد رجل وزادا فيه ، ونقصا ، ونسبه عبد الرّحمن إليهما.
ـ زاد غير أبي نصر عن البيهقي ، عن الحاكم قال : قلت لأبي أحمد ـ رحمهالله ـ فيما
__________________
(١) سورة «المؤمنون» ، من الآية ١ إلى ١٠.
(٢) سورة «المؤمنون» ، من الآية ١ إلى ١٠.
(٣) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٦٧.
(٤) سقطت من الأصل وأضيف عن م.
(٥) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٦٧ وتذكرة الحفاظ ٣ / ٨٣١.
(٦) سقطت من الأصل وأضيفت عن م.
(٧) كذا بالأصل وم ، وفي المختصر ١٥ / ٢٢ قلت لعبدويه الوراق.