عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد الله بن مهران أبو مسلم البغدادي ، دخل خراسان ، وأقام بسمرقند سنين (١) ، ورجع إلى بغداد ، صحب النّفيلي ومن فوقه من البغداديين ، وهو أوحد المشايخ في طريقته من لزوم الشريعة ، والرجوع إلى علم الظاهر ، وحفظ الحديث مع تمكّنه في حاله وعلوه فيه.
سمعت أبا الفضل البخاري المروزي يقول : سمعت أبا عمرو بن نجيد يقول :
ما دخل خراسان أحد فبقي على بكارته لم يتدنس منها بشيء إلّا أبو مسلم البغدادي.
أخبرنا أبو الحسن بن سعيد ، وأبو منصور بن زريق ، قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب (٢).
عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد الله بن مهران بن سلمة أبو مسلم ، الثقة ، الصالح ، الورع ، العابد ، سمع محمّد بن محمّد الباغندي ، وأبا القاسم البغوي ، وأبا عمر عبيد الله بن عثمان العثماني ، وأبا بكر بن أبي داود ، وأبا يعلى محمّد بن زهير الأيلي وأقرانهم من العراقيين ، ورحل إلى الشام ، فكتب عن أبي عروبة الحرّاني وغيره ، وعاد إلى العراق ، ثم خرج منها إلى بلاد خراسان وما وراء النهر ، فكتب عن محدّثيها وجمع أحاديث المشايخ والأبواب ، كان متقنا ، حافظا مع ورع وتديّن وزهد ، وتصوّن حدثنا عنه علي بن محمّد المقرئ الحذّاء ، وأبو عبد الله أحمد بن محمّد الكاتب ، والقاضي أبو العلاء الواسطي ، وسمعت أبا العلاء ذكره يوما فرفع من قدره ، وأطنب في وصفه قال : وكان الدارقطني والشيوخ يعظمونه.
وحكى لنا أبو العلاء أبا الحسين (٣) البيضاوي حضر عند أبي مسلم يوما وفي رجل البيضاوي نعل ليست بالجيدة قد أخلقت ، فوضع أبو مسلم مكانها نعلا جديدة ، وأخذها وذلك بغير علم من البيضاوي ، فلما قام لينصرف طلب نعله فلم يجدها ، ورأى النعل الجديدة مكانها فبقي متحيرا ، وسأل عن نعله فقال له أبو مسلم : هذه نعلك يا أبا الحسين (٤) ـ يعني الجديدة ـ وأمره بلبسها ، أو كما قال.
وحدثني علي بن محمود الزّوزني ، عن أبي عبد الرّحمن محمّد بن الحسين السلمي ،
__________________
(١) في م : سنتين.
(٢) تاريخ بغداد ١٠ / ٢٩٩.
(٣) في م : الحسن.
(٤) في م وتاريخ بغداد : أبا الحسن.