أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد ـ بقراءتي عليه ـ نا عبد العزيز الكتاني (١) ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا أحمد بن إبراهيم القرشي ، نا محمّد بن عائذ ، نا الوليد ، قال :
وقد بلغنا أن سفيان ـ يعني : ابن عوف ـ هلك ، واستخلف عبد الرّحمن بن مسعود ـ يعني على الصائفة ـ قال أبو عبد الله بن عائذ : فسمعت غير الوليد ينشد هذه الأبيات :
أقم (٢) يا ابن مسعود قناة صليبة |
|
كما كان سفيان بن عوف يقيمها |
وسم يا ابن مسعود مدائن قيصر |
|
كما كان سفيان بن عوف يسومها |
وسفيان قرم من قروم قبيلة |
|
تضيم ، وما في الناس حيّ يضيمها |
قال : ونا ابن عائذ ، قال : فحدثني الوليد بن مسلم ، عن زيد بن ذعبلة البهراني أن ابن مسعود شتّا سنة خمس وخمسين.
قال ابن عائذ : فسمعت عبد الأعلى يحدّث قال : غضب معاوية على ابن مسعود في شيء ، فقال له : هلّا فعلت كما فعل سفيان بن عوف؟ فقال : يا أمير المؤمنين وأين أنا من سفيان بن عوف؟ قال : قد عفونا عنك بمعرفتك فضل سفيان.
وقد قيل إنّ المستخلف عبد الله بن مسعود المعروف بابن مسعدة أخا (٣) عبد الرّحمن ، وقد ذكرت ذلك في ترجمة سفيان.
وحكى عبد الله بن سعد القطربلي عن الواقدي.
أن سفيان بن عوف لما أدركه أجله وثقل قال للناس : إنّي لما بي ، فأقيموا عليّ ثلاثة أيام ، وقال : أدخلوا عليّ أمراء الأجناد والأشراف من كل جند ، فوقعت عينه على عبد الرّحمن بن مسعدة الفزاري فقال : ادن مني يا أخا فزارة ، ففعل ، فقال له : إنّك لمن أبعد العرب مني نسبا ، ولكني قد أعلم أنّ لك نية حسنة وعفافا ، وقد استخلفتك على الناس ، فذكر وصيته إياه ثم مات.
وقام عبد الرّحمن بن مسعود بالأمر بعده ، فقالت غطفان : هذا أول عمل وليته فليكن
__________________
(١) بالأصل : الكناني ، وإعجامها غير كامل في م ، والصواب ما أثبت ، والسند معروف.
(٢) البيت الأول في جمهرة ابن حزم ص ٢٥٦ بدون نسبة.
(٣) كذا بالأصل وم.